القول الفصل

القول الفصل

الاثنين، 28 أكتوبر 2013

مسرحيّة نصراويّة قصيرة






الشخصيّات حسب الظهور: رامز جرايسي، جوقة الحوريّات، علي سلّام


المشهد الأوّل
(قبل الانتخابات، رامز يمشي تحت المطر وقد أعلن أنه لن يترشح مجددًا) 

رامز: 
بيقولوا الحب... بيقتل الوقت
بيقولوا الوقت... بيقتل الحب
يا حبيبي تعا ت نروح
قبل الوقت
وقبل الحُب...
(برق ورعد وحالة من الترقّب. صوت "أكزوزت راعاش" من خارج الخشبة)


المشهد الثاني
(تدخل جوقة من الحوريّات، من بينهن حنين زعبي، خلود بدوي، وسمر عزايزة، يطرن حول مئذنة الجامع الأبيض)

جوقة الحوريّات: 
بديت القصّة تحت الشتي
في أوّل شتي حبّوا بعضن
خلصت القصّة في ثاني شتي
تحت الشتي تركوا بعضن
حبّوا بعضن
تركوا بعضن...


المشهد الثالث 
(علي سلّام يجلس تحت الشمس الساطعة، فوق قمة تلّة عالية من الأرز وكدر اللحمة، يضحك فيلمع سنّ ذهب بين أسنانه. على سفح التلّة أسطول من السيّارات الملفّخة بأعلام تحاول الصعود عبثًا وأصوات محركات بـ"أكزوزتات راعاش") 

علي سلّام:
يا حبيبي شو نفع البكي؟
شو إلو معنى بعد الحكي؟
ما زالا قصص كبيرة
وليالي سهر وغيري
بتخلص بكلمي زغيري

(يصمت علي سلّام لثلاث ثواني، ثم يتجشأ فتزيد ضجّة الأكزوزتات. ينزل ملاك من السماء وقد استيقظ على وقع الضجّة. ويهمس في أذن علي سلّام.)

علي سلّام:
(موجهًا حديثه للملاك)
 يبارك فيه، يبارك فيه، تسلم. سلملي عليه كثير، تسلم.


المشهد الرابع
(جوقة الحوريّات تطير فوق مجمّع الـBig Fashion، أهالي الناصرة يتفرجون من الأسفل ويشيرون بإتجاههن بلهفةٍ وإستغراب)

جوقة الحوريّات:
حبوا بعضن، تركوا بعضن
وكانت القصّة تحت الشتي
بأول شتي حبوا بعضن
وخلصت القصة بتاني شتي
تحت الشتي تركوا بعضن
حبوا بعضنا... تركوا بعضن


(انتهت)

الجمعة، 25 أكتوبر 2013

الحياة مش فلم بورنو


الحياة مش فلم بورنو. بالحياة في حتميّة تاريخيّة بتقول إن الصبيّة الشقرا الي بتسطل بالـgym، حتمًا حتمًا راح يكون صاحبها قاعد يلعب حديد قبالك، وراح يكون حتمًا أكبر واحد بالحجم.

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة الصبيّة ممكن تحبل.

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة بتقدرش تعمل clear history، ثاني يوم الصبح بدك تبعث مسج يا قمّور. 

الحياة مش فلم بورنو. بدك تتعوّد تعمل سكس بالعتمة. 

الحياة مش فلم بورنو. كل خرا ووطي صوتك في جيران. 

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة لم هيّ بدها تنزلّك، بدك تتذكر إنه عندها سنان، والسنان إشي بوجع. 

الحياة مش فلم بورنو. فش ولا أي سبب إنه مفتاح بيت جارتكو ميفتحش.

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة في بنآدمين.


الحياة مش فلم بورنو. بالحياة في كمان عرب...

الحياة مش فلم بورنو. الحياة فيها التهابات مهبليّة. 

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة البيبي سيتير الي بتيجي عندكو، عادةً بتكون بنت أخوك. 

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة انت مش لحالك معها بالمسبح. بالحياة كل مسبح فيه منقذ، فيه منقذ وكمان 300 ولد من مدرسة جديدة-المكر طالعين رحلة سباحة. 

الحياة مش فلم بورنو.  بنفعش تقسّم الصبايا الي بتطلع معهن حسب tags.

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة في احتمال إنه إم صاحبك تكون مريضة سرطان وإنت مش ع سلم أولوياتها.

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة الناس بتموت، والمرا بتعملش سكس مع الخوري جنب التابوت.

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة، حتى لو عملت أورجيا، تفكرش انك راح تكون الشب الوحيد بين 4 صبايا، الإحتمال الغالب إنك تكون واحد من 7 شباب. 

الحياة مش فلم بورنو. بالحياة إذا عملت أورجيا فهي بالضرورة راح تكون كمان بنطاق الجنس داخل العائلة. فش عند العرب 4 أشخاص بقربوش بعض.
الحياة مش فلم بورنو. وشكرًا.




الثلاثاء، 22 أكتوبر 2013

القصيدة


مارات- ملصق فيلم "أرض اليباب" لفيك مونيز


























شعر | حيزي لسكلي
ترجمة | مجد كيّال



لا بد للقصيدة أن تقف وتتكلم.
تقف فوق غسّالة معطوبة وتتكلم
بلغة الجراب التي أدّت
إلى العُطبِ.

لا بد للقصيدة أن تقف على حافة النافذة وتتكلم
بلغة اللذين يقفون على حافة النافذة.

لا بد للقصيدة أن ترقص،
وتنمّ بلغة الفأر القاطن
تحت المنصة مرعوبًا
من نعومة الراقصين المفرطة.

لا بد للقصيدة أن تطرق الباب
بهدوء أو بوحشيّة.
أن لا تلمس الجرس.

لا بد للقصيدة أن تزور برشلونة وتتكلم هناك
               بالانكليزية.

لا بد  للقصيدة أن ترتاح، ترتاح بالأساس.
وليس على القصيدة ان تكون قصيدة.
يمكنها أن تكون غذاءً ناطقًا.

يمكن للقصيدة أن تكون مربى
يعني فاكهة ميّتة وشهيّة.

ويمكن كذلك للقصيدة أن تكون سُكّارين
يعني مُحلٍ اصطناعيّ مسرطن.

يمكن للقصيدة أن تبني
بيتًا للسكن
مستشفى
مدرسة
سجنا
كنيسا
لكنها تفضّل أن تكتشف
بئر حليب وسط المدينة.

لا بد للقصيدة أن تنام، تنام وتحلم بقصيدة.
لا بد للقصيدة أن تستلقي، تستلقي وتتحدث أثناء
النوم.

لا بد للقصيدة أن تكون مدفونةً
في الأرضِ
وتتكلم بلغة الموتى
لا بد للقصيدة أن تعالج المرضى

لا بد للقصيدة أن تعرقل نفسها
                وتلغي نفسها
أن تخون نفسها،
أن تهجُر وتُهجر.


لا بد للقصيدة أن تعيش.

الاثنين، 21 أكتوبر 2013

تومبالالايكا





ترجمتها عن الترجمة العبريّة من الإيديش

يقف الفتى، يقف ويفكّر
يفكّر كلّ الليل ويفكّر
من يأخذ دون أن يُحرج،
من يأخذ دون أن يُحرج؟

توم-بالا توم-بالا توم-بالالايكا
توم-بالا توم-بالا توم-بالالايكا
توم- بالالايكا، ولنعزف البلالايكا
لنعزف البلالايكا، وليكن الفرح

يا بنت، يا بنت، أريد أن أسألك:
ما الذي ينبت، ينبت دون مطر؟
ما الذي يحترق ولا ينتهي؟
ما الذي يتلوّع، ويبكي دون دمع؟

توم- بالالايكا، ولنعزف البلالايكا 

لنعزف البلالايكا، وليكن الفرح

أيها الأهبل، لما تسأل؟
الحجر ينبت، ينبت دون مطر
والحب يحترق ولا ينتهي،
والقلب يتلوّع، ويبكي دون دمع

توم- بالالايكا، ولنعزف البلالايكا 

لنعزف البلالايكا، وليكن الفرح

وما أعلى من البيت؟
وما أسرع من الفأر؟
وما أعمق من البئر؟
وما المُرّ، المرّ أكثر من المرارة؟

توم- بالالايكا، ولنعزف البلالايكا 

لنعزف البلالايكا، وليكن الفرح

المدخنة أعلى من البيت،
والقط أسرع من الفأر
والتوراة أعمق من البئر
والموت مُرّ، مرّ أكثر من المرارة

توم- بالالايكا، ولنعزف البلالايكا 

لنعزف البلالايكا، وليكن الفرح

الأربعاء، 16 أكتوبر 2013

كذبة غير بيضاء





"سأعيد لكِ ما قلته يا حبيبتي، دون خوفٍ ودون وجل: أنا لم أقتل وسام، وليس لي اي علاقة بهذه القضيّة، لا من قريب ولا من بعيد. أنا في حياتي كلّها لم أقتل باعوضة، وأرجو أن يُسد هذا الحديث مرةً للأبد."

(تحط باعوضة على الطاولة  أمامه، فيصيبها بحركةٍ سريعة من يده ويقتلها)

"كيف يُمكن أن تكذّبيني، بعد كل هذه السنوات، كيف يمكنك؟ هل نسيتِ ما الذي كنته أنا بالنسبة لكِ؟ أنا في حياتي لم أنسَ ما كان بيننا، فكيف تقولين ذلك؟"

(تحط صور من الذاكرة على الطاولة أمامه، فيصيبها بحركةٍ سريعة من يده ويقتلها)

"تعالي، لا تظني بي كل هذا السوء، هيّا، تعالي... أنت أفضل من يعرف أني لا يمكن أن أفعل ذلك أبدًا، ألا تعرفين أني أحبك؟"

(تحط سكين على الطاولة أمامه، فيصيب حبيبته بطعنةٍ سريعة من يده ويقتلها)

يخرج السكّين من بطن حبيبته، وتعود تقفز صور الذاكرة عن الطاولة، والباعوضة تقوم وتطير وتطير، ويضحك - هو والباعوضة والذاكرة والسكّين- يضحكون بصوتٍ عالٍ ويضربون أكفهم بأكف بعضهم البعض. 

"كان الأمر مضحكًا" تقول الطاولة.

"شو؟ خلص؟ بقدر أطلع من الخزانة؟" صاح وسام من مكانٍ مجهول، وعادوا كلهم يضحكون. 

وبقيت جثتها تذوب في الدم. 

الثلاثاء، 15 أكتوبر 2013

معايدة من سوريا




هذه المشاهد جميلة ومثيرة وتبعث الأمل والقوّة. ولكن حذار من أن يُستخدم هذا المشهد وكأنه تأكيد على إنسانيّة الضحيّة. ففرافير الهيومن رايتس كثيرًا ما يلقون على الضحيّة مسؤولية أن تثبت إنسانيّتها أثناء موتها. 

يجب أن لا ننسى أن هذا الفرح الذي نشاهده لم يكن ممكنًا في هذه اللحظات لولا وجود أبطال يحملون السلاح ويحمون مداخل هذا الحيّ أو غيره، وهم على الأرجح (يا للهول يا للهول) بلحى طويلة، ويتصدون بشجاعة وجمالٍ ملحميّ لماكنة الدم الأسديّة، ولماكنات قتل ظلاميّة أخرى وليدة النظام والإستعمار في آن واحد.

هذه مشاهد رائعة، وهذا وجه من وجوه الثورة، لكنه ليس الوحيد، فمقاتلي الحريّة بسلاحهم وكوفيّاتهم واختلافاتهم، هم صلب الثورة وانتصارها. إذن، فإن هذا الفيديو ليس موقفًا سياسيًا، بل ربما نعتبره معايدة... 

حر حر حريّة  نحنا بدنا حريّة/غصبن عنّك يا بشّار رح نحصل ع الحريّة 

أي حدا يجيب أي إشي



الفرد ايزنستد - 1932


(في المطبخ)
المعلّم اليهودي: في طاولة برّا، تطلع تشوفها؟
مؤنس: آه بنفع
المعلّم اليهودي: شكرًا
مؤنس: أهلين

(بعد خمس دقائق- عند الطاولة)
هديل:
  إي، شو بتعمل هون؟
مؤنس: (بضحكة خجولة) أهلا بشتغل هون م انا... 
هديل: والله؟ من وينتى؟
مؤنس: أوّل الشهر بديت والله
هديل: طيب حلو كثير، جد حلو، خلصت تعليم؟
مؤنس: اه السنة الماضية والله
هديل: طيّب وإسّا شو؟
مؤنس: شو؟ 
هديل: انه شو إسا عامل؟
مؤنس: بشتغل هون والله
هديل: اه، انه، حلو، وبدكاش تكمّل؟ 
مؤنس: مبلا، يعني السنة الجاي يمكن.. 
هديل: اه.. 
مؤنس: وانت؟
هديل: انا عم بعمل إسا ماجيستير بتل أبيب
مؤنس: والله؟ حلو... تشربي إشي؟ 
هديل: يعني كنت بحب بس بتعرف، مع مراد أنا إسا وفات عنّا ع البيت والأشياء الي كانت بطّل ينفع تـ...مؤنس: قصدي، هون، أجبلك إشي تشربي؟
هديل: (بضحكة خجولة) اه، متأسفة، شكرًا، لا أنا بطلب ولا يهمّك
مؤنس: تطلبي من مين؟ 
هديل: من أي حدا بشتغل هون
مؤنس: م أنا الي بشتغل هون
هديل: اه... صح...
مؤنس: اه... 
هديل: طيّب جيبلي أي إشي... 
مؤنس: ملكشيك؟
هديل: اه بنفع، شكرًا
مؤنس: أهلين

(بعد خمس دقائق- عند الطاولة)
مؤنس: ملكشيك؟
هديل: اه هون، شكرًا
مؤنس: أهلين

(بعد رُبع ساعة - عند الطاولة)
مؤنس: كُلشي تمام؟ بدكو اشي؟ 
هديل: تمام، شكرًا
مؤنس: اهلين...

(بعد خمس دقائق- عند الطاولة)
مؤنس: أهلًا، بتحب تطلب؟
مراد: ملكشيك لو سمحت
مؤنس: ولا يهمك
مراد: شكرًا
مؤنس: أهلين


(بعد ساعة- في المطبخ)
المعلم اليهودي: كُلشي تمام؟
مؤنس: تمام
المعلم اليهودي: بدك إشي؟
مؤنس: تمام
المعلم اليهودي: متأكد؟
مؤنس: تمام، شكرًا
المعلم اليهودي: أهلين




الأحد، 13 أكتوبر 2013

حزام ناسف حول تهليلة



كول ثومبسون 2008

  *التهليلة في نهاية التدوينة هي تهليلة "أغنية على شجرة" وقد ترجمها الصهاينة إلى العبريّة ترجمةً مصهينة غيّرت معناها تمامًا.

أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أن تسبح عميقًا عميقًا، وتنام مطمئنًا في حضن حلمٍ جميلٍ وأنت تعرف أن الكابوس خارجه حقيقي أكثر من أي وقتٍ مضى، وأنت تعرف أنك رُبّما وأنت تحلّق في غفوة السُكّر، في هذه التهليلة الحلوى، رُبّما لن تستيقظ، لأن المغني الآن يفتك بأخوتك في كلّ مكان، ولأن النار تقترب من شراشف سريرك. 

أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أن تسافر في الزمن، إلى مكانٍ كان فيه أعداءك بشرًا، إلى فُسحةٍ من دمار تشاركتم فيها الأسى، قبل أن يتحوّلوا إلى حيوانات مهولة يقطر من أسنانها الدمّ وتَدِكُّ أقدامها البُنيان على إيقاع تهليلةٍ بالإيديش.

أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أن تنام بنصف عين. أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أنهم لم ينتصروا بعد. أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أنك لم تمت بعد. أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أن تتصالح مع شبح النوم وتغطّ به حتى تصل إلى عمق اللحن وتفكك الموت لمواده الأساسيّة:

أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أن تفكّ عن خصرك حزامًا ناسفًا، وتضعه في الهدف، تذهب وتتركه خلفك ينفجر، وتنتصر، وتبقى حيًا.

أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش يعني أن تقاتل وتقاتل، بكل مزايا الزلازل، دون أن يموت البشريّ فيك. 

أن تستمع إلى تهليلةٍ بالإيديش، يعني أن تعدك الموسيقى بأن تنتهي من تلقاء نفسها عندما تمرّ دوريّة الجيش، وأن تستيقظ أنت حين تسكت التهليلة، وتطلق النار على حيواناتٍ مهولة يقطر من أسنانها الدم وتدك أقدامها البنيان.



السبت، 12 أكتوبر 2013

غرفة في الذاكرة






لعلّ الأساس في حياتي كلّها، أن لا أسكن بيتًا ولا مكانًا مغلقًا. لعلّ الأساس أن لا أملك أبدًا غرفةً بأربع جدران، لعلّ الأساس أن لا أمتلك ذكرى. فبيني وبين الذكريات علاقةٌ فاترةٌ حدّ التّجاهل والنّفور، بيني وبين المكوث طرد.

والآن: دفترٌ أبيض صغير، علبة ألوانٍ حديديّة زرقاء، ورزمة أوراقٍ زهريّة على شكل قلب حُب، كانت رامة أول ما تعلّمت الكتابة، تكتب لي عليها. والآن: كل الأشياء التي لم أعرها أبدًا أيّ اهتمام. والآن هذا المكان الذي لا يعني لي، الأماكن كلها لا تعني لي، لكني كلما خرجت من مكانٍ صرت حبيسه.

أذكر أن استيقظت، كانوا كلّهم في غرفة الاستقبال، عرفت أن مصيبةً قد حلّت ودخلت أمّي تبكي. الآن، هذا المكان، حبيس، أوراق زهريّة على شكل قلب حب وعلبة ألوانٍ حديديّة، تجاهل ونفور والمكوث طرد. الآن، أنت، الآن أنت يا حبيس الخارج. الآن آرام يدخل من شبّاك الحمّام مثل سوبرمان ويفتح الباب الموصود.

الآن، هذا الخارج يبتلعني من الداخل، هذا الإتساع الذي تصبح فيه أجوفًا مثل الصدى، هذا المدى المغلق، هذا الردى: من أين؟ تسألني الشوارع. ذنب من هذا؟ هذا ليس ذنب أي شخص، هذا ذنبي وحدي، وما الحل؟ ما الطريق؟ الطريق.

هناك أسئلة كثيرة لا تملك إليها إجابة لأنك لم تسألها أبدًا. لكن الذاكرة تملك كلّ شيء، وجميل أن ترفض أن تتذكر، لأنك في حينها ترفض أن تمتلك أي شيء. وما الذي يبقى لديك؟ تبقى الشوارع مثيرة حلوة متعبة، وعلى ظهرك حقيبة سوداء ثقيلة، مثل الدمعة ومثل الغصّة ومثل القصّة ومثل الخوف، وأنت تطير خفيفٌ خفيف، مثل الريشة مثل الأخلاق، مثل القمصان البيض، مثل الذاكرة؛ خفيفًا حزينًا أهبل جثةً تشرب السيفين أب غير مكترثة، تطير ثقيلاً تغط قتيلًا.

وخلص، خلّصت الي بدي أقوله.


باي

الجمعة، 11 أكتوبر 2013

ساعة



كل ساعة بتمرق، بتكون "مرقت ساعة من حياتك". هذا إشي، مثله مثل كثير أشياء بالحياة: إشي مفهوم ضمنًا لأبعد حدود.


هذا الإشي مثلك انت يا رفيق، انت اشي مفهوم ضمنًا. انت اشي مفهوم ضمنًا مثل كثير أشياء مفهومة ضمنًا لأبعد حدود، وبكلمات ثانية، إنت ولا إشي، لأبعد حدود.



انت بتعرف وين بتيجي أبعد حدود؟ أبعد حدود بتيجي بالنقطة الي فيها لما بتمرق ساعة، ببطل يكون "مرقت ساعة من حياتك". بتكون ساعة مرقت، مرقت لحالها، بدون علاقة فيك، مرقت وخلص.



وهاي كمان ساعة مرقت وأنا عم بجرّب (من فراغ) أقول إشي لمدوّنتي. هاي ساعة "مرقت من حياتي"، بحيث إني عم بعمل إشي مفهوم ضمنًا: مفهوم ضمنًا إني عم بحكي بالفراغ.



بس المشكلة اني بعد م كتبت هاي التدوينة نشرتها، رغم إنه مفهوم ضمنًا إنها مش لازم تنتشر، ليش؟ لأنها بالفراغ، لأنها ولا إشي، ولا إشي لأبعد حدود...وإنها تنتشر رغم إنها ولا إشي، فهذا مش إشي مفهوم ضمنًا. 



يمكن عشان هيك، انت عم تقرأ هاي التدوينة، ومرقت ساعة، بلا م "تمرق ساعة من حياتك".


الأحد، 6 أكتوبر 2013

إخلاء



حبيبتي نور، 

أكتب لكِ اليوم رغم أني انقطعت عن الكتابة لفترة طويلة، ورغم أنك لا ترسلين لي أبدًا، أو هكذا على الأقل كنت أظن.

أكتب لك يا حبيبتي رغبةً مني في أن أشير إلى محادثةٍ دارت بيننا في أوّل لقاء لنا، في بداية علاقتنا حين كنت أحبك. وأنا لا زلت أحبكِ، أرجوك لا تفهميني بشكلٍ خاطئ ولا تُغيّري الموضوع. يومها، قُلتِ لي أن والدك المحترم اشترى لكِ بيتًا حين تخرّجتِ من المدرسة، وأن مدير عقاراتكم يهتم بالبيت أما أنت فلا تعرفين عنه غير أن مبلغًا وقدره يدخل إلى حسابك شهريًا من إيجاره. 

أكتب لكِ يا نور لأعلمك أني اكتشفت بالأمس فقط، وبعد سنتين من حُبنا الحلو هذا، بعد أن عشنا أجمل أيّام حياتنا، على حدّ قولك، وبعد أن زُرتني ونمت في سرير بدل المرّة مئة مرّة، وأنت تقولين لوالدك المحترم بأنك تباتين عند كرستينة، أكتب لكِ يا نور لأعلمك أن اكتشفت بالأمس فقط أن البيت الذي استأجره منذ سنتين، إنما هو بيتك. 

الأنكى من ذلك أني عرفت ذلك بعد أن وصلتني رسالة رسميّة بالعبريّة تطالبني بإخلاء البيت في فترة أقصاها خمسة عشر يومًا، وكانت الرسالة موقعة بإسم صاحبة العقار، أي، أنتِ يا حبيبتي. وأنا الذي كنت أظن، أنك لا ترسلين لي أبدًا.

الأنكى من ذلك يا حبيبتي أني لم أشعر في الشهور الثلاثة الأخيرة التي لم أدفع بها الإيجار، أن شيئًا في حياتك قد تغيّر أو نقص أو ساء.

لكن لا بأس.. لا بأس، المهم الآن، بقي لدينا أسبوعين فقط في بيتنا، وعلينا أن نستغل كل لحظة، لكن علاوةً على هذا كلّه، فلن أُحضر الواقيات المطّاطيّة على حسابي بعد الآن. دبّري حالك.

أحبك كثيرًا، وأنتظر منك رسالة أو مكالمة

مسعود

الجمعة، 4 أكتوبر 2013

كمّامة





عزيزتي هند، 

عندما قررنا أن ينتهي كل ما بيننا، اتفقنا أن آخذ الكُتب وتأخذي الإسطوانات، أنا آخذ عُلب الملح والسكّر وأنتِ لك المنضدة البيضاويّة، أنا أحمّل التلفزيون وأنت الحاسوب. كنت أظن أننا اتفقنا على كل شيء، لكننا لم نتحدّث أبدًا عن الكمّامات التي وزّعوها لنا في حرب صدّام. 

لقد أخذتِ كمامتك وكمّامتي دون أن تخبريني، وقد لاحظت ذلك لكن الأمر لم يكن يعني بالنسبة لي أي شيء، كنت أظن أن الكمّامات في البيت أمر هامشيّ ليس له أي أهميّة، مثل المرآة المزيّنة بالصدف المرميّة في المخزن. 

لكنك ترين الوضع، ألا تشاهدين الأخبار؟

كيف سأبدل الآن الكمّامة؟ ذهبت إلى حيث يوزّعون الكمّامات وقالوا لي أني يجب أن أعيد الكمّامة القديمة. أخبرتهم بما حصل فقالوا أنهم سيجدون لي حلًا، طلبوا رقم الهويّة، ثم قالوا لي أنك قد استبدلتِ الكمّامتين وبأن سجلّاتهم تقول أني أملك كمامةً للحربِ القادمة. قالوا: زوجتك أتت وأخذت لك الكمّامة. 

حاولت أن أحكي لهم أن كل ما بيننا انتهى، لكن الموظّف العصبي لم يكن يعنيه قصّة السفر والأقراط وموسيقى الفادو وكل الأمور التي حالت دون أن نموت معًا. 

ماذا سأفعل الآن يا هند، أنت لا تردّين، وترفضين التحدث إليّ، وما الذي سأفعله أنا؟ هل أعطيتيه كمّامتي يا هند؟ هل سيلبس كمّامتي حين تدقّ الحرب القريبة أبوابنا بالصواريخ الكيماويّة؟ عرفت أن الإنسان ليس وفيًا، لكن أحدًا لم يخبرني بأن الكمامة أيضًا لا تكون وفيّة للإنسان الذي تحمل رقم هويّته، وكيف تكون كذلك، ونحن بأنفسنا لسنا أوفياء لرقم الهويّة الذي نحمله؟

يا هند، لقد قُلت فعلاً أني لا أستطيع العيش من دونك، أني سأموت لو ابتعدتِ، لكن لم يكن هذا ما أقصده.

يا هند، إن الحرب تقترب، بدّك نرجع لبعض؟


مع حُبّي، 
مأمون