القول الفصل

القول الفصل

الأربعاء، 22 يناير 2014

أصوات الملح في غرفة مظلمة







الدنيا برد. ومش عنجد بعرف وينتى بصير الوقت إنك تغيّر وجه المخدّة. في إشي بهاي الأيّام بكون يشبه القزاز، ناعم وبارد ومالس وبلمع، ومكسور، مكسور وبجرح. والأسوأ من انه يجرح، هو انه يفوت بالإيد، بالإجر، بالخصر.

مرّات بتتخيّل انه البيرة بتنشربش بقنينة قزاز، أنه القزاز بنكسر شقف صغيرة صغيرة صغيرة، وبختلط بالبيرة، وبتشربها مع القزاز المكسّر. يمكن هذا السبب الأساسي انك كل م تشرب أكثر بصير الي بصير.

مرّات بتخيّل علي سلّام لابس بلوزة السنافر وقاعد ع الكمبيوتر بوكل أبوروبّو وبلعب GTA Vice City... وبسمع أغنية "الدنيا أوضة": "لما تعيش تحلم أحلامك مش قادر توصلّها فكر في الي يخليك قادر توصل طولها وعرضها، فكر انك لسك عايش وبتتنفس بالهوا، مهما هتكبر هيا حياتك وبايدك هتحلّها."

في شغلات ما حدا بقدر يفهمها، في أنواع حزن وأنواع خوف، بتنحكاش.
في أنواع حزن وخوف ممكن تظهر وانت عم تضحك وتحكي وتتهبّل وتغنّي.
في شغلات أخت شرموطة بتصير مرّات، وبتخليك مرعوب، من ولا اشي.
في شغلات أخت شرموطة بتصيرش، ويتخليك مرعوب من أنه هذا الولا اشي يكمّل.
مرّات بتسأل حالك إذا عنجد في حاجة تبدّل وجه لمخدّة.

أكثر اشي بخوّف بعد م تسمع أصوات عالية، صوت خبط وضرب، هو الصمت الي بيجي بعدها رأسًا. مبارح حلمت انه فيل الخشب الي محطوط ع رف عالي عندي بالغرفة وقع، ولما وقع مخبطش بالأرض، مطلعش صوت، اختفى. لما فقت، أو كأني فقت، بعرفش، واتطلعت
ع الأرض ملقيتهاش، كأنه التخت كمان، عم بنزل فيّ، بوقع وبوقع. مرّات بسأل حالي إذا بشي يوم من الأيّام راح أنجح أنام وشرشف التخت يضلّ بمحله.

في اشي واحد، هو الولاد الصغار، بقدر يخلّي الملح يختفي من أي بحر في العالم. ويختفي، مش يعني يطلع، يختفي يعني يفوت، يذوب، يذوب أكثر أكثر من م ممكن العقل يستوعب. الأشياء، ومنها الملح، لما بذوب بالميّ بتفقد شكلها. الولاد الصغار بقدروا يخلوا الملح يذوب بالبحر لحد م يفقد شكله وريحته والأهم انه يفقد طعمته. ببقى الصوت، ببقى صوت الملح، بصوت الولاد الصغير وهو عم بركّب أوّل جُمَل بحياته، في اشي بصوته بخليك تهتز، وجهك ينكمش، تنهز. هذا صوت الملح.

معلش. تحمّلوني. الليلة بس. وعد.

الخميس، 16 يناير 2014

العالم الآخر

كاسبار














هناك رجل ما في هذا العالم، يستيقظ كل يوم قبلنا جميعًا، ويكوي خطّ الأفق.
هناك امرأة ما في هذ العالم، تحرق البخّور كل صباح، في فمِ زوجتك.
هناك مُقامر ما في هذا العالم، يلفّ روليتّا الكواكب بإدمان مواظب، ويخسر المجرّة.
هناك قنفذ ما في هذا العالم، يجلس في مكانٍ سريّ، يُمشطُ شعرَ حنظلة.
هناك بوّاب ما في هذا العالم، يرتّب فهرس الكتب المقدسة، حزينًا.
هناك سكّير ما في هذا العالم، يبصق الرسائل في قناني النبيذ الفارغة، ويبعثها في البحر.

*
في عالمٍ آخر، تفكّ لوليتّا أزرار البحر، وينزل الليل يغطيهما فننام. 
في عالمٍ آخر، زوجتك تخونك مع باتريك زوسكيند.

في عالمٍ آخر، سيحمل دون كيشوت خصلةً من حنظلة، ويمضي يقاتل.
في عالمٍ آخر، سأضحك كلما أنشد أبونا: "مباركٌ أنت يا ربّ علّمني حقوقك"
في عالمٍ آخر، سأقرأ وصيّة رجلٍ مجهولٍ فأحملها على كتفي، وأقبلها، حتى النهاية. 

*
هل تعرفين ما الذي ينقص العالم الآخر؟ القليل من الحظ، القليل من الشمس الناريّة، القليل من الرغبة الشرسة. روليتّا الكواكب، بإدمان مواظب، سقطت من عالمٍ فيه الفواصل مرتبّة باستقامة. 

*
إنه عالم لا خسارة فيه.
وفي هذا العالم، كان يمكننا بناء بيتٍ صغير وعائلة.

الثلاثاء، 14 يناير 2014

وعدٌ في الأفق

مشهد من "سالو" لبازوليني















ذاب حينًا. أقبل يغمر يابسةً.‏
حينًا تجمّدَ واختفى في قطبهِ.‏

كلما أقتربَ، قطفتُ له حبّات منع الحملِ.‏
وكلما أزهرتُ فيه، انقطع جذعه.‏
‏ ‏
كلما آل الحصاد إلى الزفاف
قالَ الرحيلَ، كأنه يلفظ كلمة: آب.‏
‏ ‏
الوعد الذي يتلوه في نطق الوداع
‏(وعد أن يبقى)‏
صادق مثل الرغيف  ‏
يغمّسه، في فرجي الآن، ويأكله. ‏
‏ ‏
أمدَ كفّي إليه
كيفما مدّ خبّاز يديه
للنار التي لا تخلف وعدًا بالحريق،
ولا تُضبط في قفصٍ.‏
‏ ‏
أمدّ كفّي إليه، أجده
مستقيمًا، مثل خطّ الأفق،
وهميًا.‏

والآن، يا جوزيه؟

سرير في مرآة - إيفا روبنشطاين - 1972















قصيدة: كارلوس دروموند
عن الإنجليزية: مجد كيّال

والآن، يا جوزيه؟
الحفلة انتهت،
انطفأت الأضواء،
ذهبت الجموع
وذهب الليل باردًا،
والآن، يا جوزيه؟
والآن، يا أنت؟
أنت الذي دون اسم،
الذي تسخر من الآخرين،
أنت الذي تكتب الشعر،
الذي تُحبّ، تحتج
ماذا الآن يا جوزيه؟
‏ ‏
لا زوجة لك،
لا خطاب لك
لا عاطفة لك،
لا تستطيع الشرب،
لا تستطيع التدخين،
لا تستطيع حتّى أن تبصق،
ذهب الليل باردًا،
لم يأت النهار،
لم يأت القطار،
لم يأت الضحك
لم تأت المدينة الفاضلة
وانتهى كل شيء
وهرب كل شيء
وفسد كلّ شيء
والآن، يا جوزيه؟
‏ ‏
والآن، يا جوزيه؟
كلماتك الحلوة،
تظاهرك بالمرض،
ولائمك وصيامك،
مكتبتك،
منجمك الذهب،

بدلتك الزجاجيّة، فقدان الترابط،
حقدك – والآن؟
‏ ‏
مفتاح في اليدِ
تريد فتح الباب،
لا وجود للباب؛
تريد الموت في البحر،
لكنّ البحر قد جفّ؛
تريد الذهاب إلى ميناس
لكن ميناس لم تعد هناك
جوزيه، ماذا الآن؟
إذا ما صرخت
إذا ما أننت
إذا ما عزفت
فالس من فينّا
إذا ما نمت
إذا ما جرّبت
إذا ما مُتّ...
لكنك لا تموت،
إنك تعاند، يا جوزيه!‏
‏ ‏
وحيدًا في العتمة
مثل حيوانٍ مفترسٍ
دون تقاليدٍ
دون حائطٍ عارٍ
تتكئ عليه،
دون حصان أسود
يعدو هاربًا
تسير، يا جوزيه!


يا جوزيه، إلى أين؟