القول الفصل

القول الفصل

السبت، 31 مايو 2014

سُكّر

أزرق وزهري. بريجيت ريلي. 2003.









هناك سماء ما أغمّس بها الخبز، أقسّم منها الغيم وأمضغه. ملمس الرغيف أزرق، ولا أحد غيري يعرف هذه السماء. والآن أسأل: هل يستطيع الخبز يومًا أن يسجن فُرنًا؟ الشمس المكوّرة تُشبه القنفذ، قنفذ يبحث عن صديق.

كلما اقتربت الشمس من الصيف، صارت وحيدةً. كلما اقتربت الشمس من الصيف، صارت تشعر بأنها أبعد عن الأصدقاء. كلما اقتربت الشمس من الصيف صارت ثقلاً على ظهر السماء، صارت عارًا ينبذه حيوانات العار. كلما اقتربت الشمس من الصيف تعلّمت أن لا بدّ من الابتعاد، لكيّ تنقذ العار من رائحة العرق. كلما اقتربت الشمس من الصيف، عرفت أنها لا بد أن تتركه وتمضي للشتاء. 

في الشتاء، نُسخّن الخبز على مدفأة كهربائيّة. هذه الشمس التعيسة، صارت قضبانًا مجدولة في جهاز. الشمس حيوان حزين- هذا درس الليل الذكريّ: هذا الليل الذي يحتوي كل شيء، ينهض ويُمسك بقصصنا، بأفكارنا، بأوجاعنا، بالأسئلة وكوارث الأجوبة، يُمسكها ويضعها تحت مؤخرته، فتختفي. 

هل يستطيع الليل أن يجلس على ظهر قنفذ؟ حسنًا، هل نأكل معًا؟ ملمس الرغيف أزرق، وهو رغيف لا يسجن الفرن في داخله كما تسجن السماء الشمس داخلها؛ أشرقي يا معزولتي الحلوة!

هل تسمعون هذا الكلام؟ كلام البحر عن ما يزعجه كلّما رمى الصيّاد طعمًا، كلما شاغب طفلٌ وهرب بخبزٍة من رحلة مشاوي عائليّة، ورمى بالخبزة في الماء ليُغضب أمه التي لم تسمح له بشراء غزل البنات. غزل البنات هذا مثل غيم صغير. كلما أردت أن أشتري غزل البنات، لم تسمح أمّي: "سُكّر!". لم أقسّم الغيم ولم أمضغه ولم آكله، لم أغمّس السماء، وأصلًا... لم أذق يومًا طعم رغيف الخبز.