القول الفصل

القول الفصل

الأحد، 22 ديسمبر 2013

وجاهة من واجهات الشارع الأخضر






هذه آخر مرّةٍ أقول فيها أن السماء اليوم باءت بالفشل. لديّ الآن ما يكفي من الحُزنِ لأقف أمام واحدةٍ من البقالات الفارغة التي يفتحها مُلّاكها لتبييض الأموال. أحدق طويلًا في البائع داخلها، يجلس متدثّرًا بمعطفٍ يحميه من الملل.

كلما نظرت للمرآة رأيت الرّماد يسيل من إطارها الخشبي، مشهد من مشاهد قليلة لا زالت تبعث على الخوف منذ أتى الحرّاس بدلو المبادئ. كانت الزنزانة الكبيرة مدهونةً بزيت السيّارات الممزوج بزيت الزّيتون، الأرض والسقف وجحر الجرذ والسرير الاسمنتيّ، كلّها مدهونة بالزيت- نظّفها قالوا، وسكبوا الماء الزلال من الدلو.

هل كانت التهمة تستحق هذا العقاب الأبدي؟ السماء اليوم باءت بالفشل. لم تكن مرآة، كانت واجهة من واجهات شارع الخضر الذي كان مزدهرًا بالمحال التجاريّة في أوّل ما نشأت المدينة، ثم تحوّل إلى شارعٍ مهجورٍ تصطفّ فيه الدكاكين الخالية. كان البائع الشاب المهذّب يلبس نظّارةً ليرى زبائن لن يدخلوا إليه، ويلف حول معصمه ساعةً ليحسب الزمان الذي يحتسبه.

التهمة أني نظرت إليه. كنت أبحث عن المدينة التي أُبلغت عنها، ولم أجد فيها سواه، وكنت على قدرٍ كافٍ من الحُزن لأحدق فيه طويلًا. لماذا كسرت الزجاج؟ يسألني المحقق، أقول أني لم أجد لي مكانًا في الشارع الأخضر حتّى بحثت عن ثقبٍ في واجهةٍ زجاجيّة أمد منها جواز السفر ويوقّعونه لي حتى أدخل إليهم، لكني وجدت يدي مهشمةً تنزف، وقبضتي لم تنبسط من هول الألم، لكنها قُسمت شطرين، العظم تفسّخ مثل كوز الرمّان، وبثقل البَرَد نزفت الدمّ.


حين استيقظت وجدت المدينة تُعدُ الحقائب لتهاجر قبل أن أنجح بالدخول إليها. كل المدينة الآن تجتمع في حانوت فارغٍ يملكه لتبييض الأموال شخص مجهول يتحكّم في مصيرنا. كل المدينة الآن تجتمع لتصدّني، الأطفال والنساء والشيخوخة والأحلام والفرح والمشي في شمس الظهيرة- كلها تهرع لتبني سورًا يُبعدني عن مدينةٍ تُهاجر إلى دكانٍ فارغ. يجبلون الرماد بزيت السيّارات وزيت الزيتون، ويبنون سورًا عظيمًا، جميلًا، مزهرًا، فرِحًا، يغطّي الشمس عنّي، ويحترقون هم، في فرحٍ وحبّ، كيفما شاؤوا، بثبات ونبات، ويخلّفوا صبيانًا وبنات.

الجمعة، 20 ديسمبر 2013

فيروز ونصر الله... It's Complicated



بالأصفر عصبت جبيني ومشيت بموكب حزب الله

تأتي هذه التدوينة تحت شعار: "وشمعنا أنا لأ؟"

السؤال الأوّل: من هذا المعمعان، هل نستنتج انه راح نسمع بالفترة القريبة دويتّو بين السيّد حسن والسيّدة فيروز؟

السؤال الثاني: شباب حزب الله شو رايهم بألبوم (ايه... في "أمل")؟

السؤال الثالث: هل، لو صدر ألبوم فيروز "إيه في أمل" في وقت المعارك بين حركة أمل وحزب الله، كان راح يكون إسمه "إير في أمل"؟


السؤال الرابع: هل انحل اللغز الذي شغل الملايين "لمين بتسمع فيروز بس تفيق؟"، وكانت الإجابة "فرقة الولاية"؟

السؤال الخامس: هل يمكن أن نستنتج، من حديث زياد (بأنه لولا أنه فيروز مع المقاومة لما اشتغل معها)، انه مايا دياب معنا ع الموت؟ وإن كانت مايا دياب معنا، فمن علينا؟

السؤال السادس: هل اعلان حب فيروز للسيّد حسن نصر الله هو الرد الصاعق (في المكان والزمان الملائمين) على إصدار فضل شاكر أنشودة بمناسبة عيد الميلاد?

السؤال السابع: هل فيروز شريكة في مأساة اللاجئين السوريين في عاصفة أليكسا الاخيرة، وذلك بعد أن نقّت وفاولت: "شتي يا دنيا" و"ثلج ثلج"؟

السؤال الثامن: من آذار؟

السؤال التاسع: "بحبك... ما بعرف... هنّ قالولي" - قالولي لمن تعود؟


السؤال العاشر: هل سيتجرأ نصر الله على التطرق لهذا التصريح والردّ على السيّدة فيروز قبل أن يتطرق ويرد على تصريح هيفاء وهبي بحبها له؟

السؤال الحادي عشر: لو كان الاختيار بين هيفا وهبي وفيروز، من سيفضّل السيّد؟ 

السؤال الثاني عشر: ما هو أكثر خطاب للسيّد حسن تحبّه فيروز؟ وهل تفضّل خطابات السيّد قبل 2006 ولا بعد 2006؟ 

السؤال الثالث عشر: هل هذا الحب الذي استعرضه مؤيدو نظام البعث للسيّدة فيروز، يُثبت علميًا أن الخرفان يمكن أن تتحلى بالأذن الموسيقيّة؟

السؤال الرابع عشر: هيَّ "راحلة" دي كلمة قبيحة؟

السؤال الخامس عشر: هل لسفيرتنا إلى النجوم علاقة بإطلاق القرد الإيراني إلى الفضاء؟

لويس السادس عشر: إنّي رأيت رؤسًا ضد انضربت، وحان إسكاتها.

السؤال السابع عشر: هذا موقف السيدة فيروز من الثورة السوريّة، تمام. ما موقف الصبّوحة من حرب المائة عام؟


السؤال الثامن عشر: "بيت صغير بكندا، ما بيعرف طريقه حدا، إلا الي قلبي اختاره، قله اسراره"... هل يُمكن للموساد الاسرائيلي أن يحدد مكان السيّد حسن ويصفّيه بعد الاستماع لهذه الأغنية؟

السؤال التاسع عشر: إذا كانت فيروز تحبّ السيّد حسن، فماذا عن ريما؟ هل تحب بثينة شعبان؟ والأهم، هل يتقلّب عاصي الآن في قبره؟


القرن العشرين: وعيدها كمان؟ ضلك عيد.... يا علي؟! 

الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

أي شيء

أن لا تملك أي شيء يعني أن لا تملك أي شيء. يعني أن تكون حرًا مُطلقًا فقط في أن تحزن كما تشاء. أن لا تملك أي شيء يعني أنك لا تملك ما تخسره رغم أنّك تجلس حتّى النهاية حبيس الغرفة خائفًا من الخسارة. يعني أن تشعر بالعُزلة في حين تُحيط بك كل الأشياء التي معك وليست لك. أن لا تملك أي شيء يعني أنك تملك قرارك بأن لا تملك شيء، وأن يكون هذا القرار الشيء الوحيد الذي يُلهيك ويشغلك، يُلهيك ويشغلك عن كل الأشياء التي لا تملكها.

أن لا تملك أي شيء يعني أن لا تصدّق أي شيءٍ غير نفسك، وأن لا تتبع أي شيءٍ غير نفسك، وفي الوقت ذاته ترى بوضوح الحُزن الضيّق الذي تصنعه، وتصر، رغم ذلك، أن طريقك هو الطريق الصحيح الذي يجب أن تسلكه.

أن لا تملك أي شيء يعني أن تُصبح كل الاستعارات التي أفكر بها الآن جوفاء، لأن الاستعارة بالأساس أن تمتلك المعنى، ثم أن تمتلك الصور والأصوات والروائح، وأن وتنثرها. يبدو المعنى الآن، بالنسبة لي، مثل أرضٍ بُنيّة كلما نثرت فيه الصور، نبتت فيها العبارات. أن لاتملك أي شيء يعني أن تكون لاجئًا، لاشئًا.

أن لا تملك أي شيء يعني أن لا تملك الأرض. يعني أن تجلس في حبسك وكل ما يمكنك استخدامه هو وحدات القياس المختلفة للمساحات، المساحات التي ليست لك، رغم أن الأشياء كلها الآن تضيق حولك. تضيق حتى تنحبس فيك، تنحبس حيث لا تنفع أي وحدة قياس في الدنيا، لطالما لم تظهر، حتى الآن، تلك المسؤولة عن قياس الوحدة.


أن لا تملك أي شيء يعني أنك لست مجبرًا على إنهاء هذه الكتابة إلى آخرها، وأنك تريد أن تنام.

الثلاثاء، 3 ديسمبر 2013