الأربعاء، الشمس تشرق عن يمينك وقلبك البوصلة الوحيدة. حواسك لا تشير إلا إلى الجنوب. لا ألتفت للخلف، ليس لي ما أودع في البلد الذس قضيت فيه الأيام الأخيرة منتظراً عودتي إلى الوطن. إلى الوطن؟ سيذهب جميع من في القارب إلى غزّة، أما أنا فذاهب إلى فلسطين.
*
حين تخسر تضاريس الطبيعة كلها لصالح البحر، تصبح المساحة الشاسعة حبساً لحاسة النظر الجائعة- لأمهات غزة وفخر الصدام مع كوماندوز سرقة الأحلام- يصبح السمع مصنعاً لأحلام اليقظة وقابلة الأفكار المتوتر الجميلة.
رنين السكايب، لكنة إيهاب الإنجليزية المتّزنة، أغاني الشيخ إمام، ضجيج الراديو في مقطورة الكابتن جورج، صوت خطى أمي ذاهبة إلى العمل صباحاً، وصرير الدفّة. ثم تأتي الأغنية: "يمّا سرينا بصبح، مشيت مراكبنا.. والبحر موجه هدي كرمال واجبنا"
حوار الصحافيين المتأهب فيما بينهم حول حظر النشر، تمييز صوت الرصاص عن الغاز المسيل للدموع. أسئلة جدتي البريئة، عنداء كييت عند جهاز المعكرونة، الهتافات الممنوعة وحديث الرفيقة لحبيبها عبر هاتف القمر الصناعي.. وكلام العاشقين: "يا موج البحر يا عالي..يا واصل برّنا الغالي.."
اخي يتحدث اثناء النوم، ضحكة البنت التي لأجلها لا أموت، سخرية أبي تغلّف خوفه، الصحافية تسجل مقدمة تقريرها، وصوت آرام الصغير يلعب، خارقاً هدير المحرّك القاتل.
*
ما الذي يجعل من هذا الأمر حلماً؟ كأنني عجوزا تعود إليه قدرته الجنسية، او شاعرا يولد من جديد.
*
أخبرني مايكل ان الكابت جورج يريدني وهو أن نقسم الوقت بيننا لقيادة المركب أثناء نومه، ثلاث ساعات، من الثالثة فجراً حتى السادسة، عليّ أن اقود هذا المركب في بحر ساعات الفجر المجنون. وفقط لأجل الخلفية التاريخية: ليس لدي حتى رخصة قيادة سيارة! أنا غالباً ما أقع عن الدراجة الهوائية، وأتعثر بالمشي! سفينة؟!
*
ما الذي يمكن أن يحدث؟ السجن؟ أحتاج مؤبداً لأتمكن من كبت الأفكار بالكتابة. نعم، الكتابة تكبت الأفكار. الأفكار مثلنا، لا تولد مع أي خطوط حمراء، لكننا قد ننتهي إن لم توضع لنا الحدود. الأفكار كذلك. لا بد أن نقيّدها بالكتابة لئلا تضيع منّا إلى الأبد. الفكرة؛ إمرأة جميلة تمر أمامك في بلدٍ غريب لن تعود إليه.
*
أفكر كثيرا، هل يجب أن أكتب؟ أنا لست صحافياً، لست هنا لادون مغامرة، أنا هنا ليس لأكتب، أنا هنا لأدخل غزة. هذه الأسطر هي الاغتراب عن ماهية الفعل، لماذا اتمسك بها إذن؟
هل نفعل الأشياء لنكتبها؟ أم نفعلها ثم نرى أنها تستحق الكتابة؟ ولكن الكتابة هاجس لا يفارقنا، خاصةً في هذه الحالات، هل تنزع رغبة الكتابة المسبقة عن الشيء مصداقيته؟ لا يمكنك إلا ان تتخيل التجربة مكتوبة قبل ان تخوضها، كلنا نقعل هذا، ربما هذا الفرق بين الصحافي والسياسي وبين الشاعر الحقيقي- هذا يفعل ليكتب، ذاك يفعل حتى يختنق، فيكتب.
ملاحظة عابرة: وُلد بودلير في غزة.
*
سألني سانتياغو قب لأيام نحن نحتسي الجعة الأولى بيننا في قهوة صغيرة في قرية تركية نائية: أنا قررت الانخراط بمنظمات مناهضة إسرائيل منذ أربع سنوات، وأنت؟
أردت أن أجيب باستفزاز وفظاظة: نحن لا نختار هذا، هذا يولد معنا.
لكني تذكرت حينها أني سأكون كاذباً، ثم شعرت أني أحب هذا السانتياغو.
*
حين تخسر تضاريس الطبيعة كلها لصالح البحر، تصبح المساحة الشاسعة حبساً لحاسة النظر الجائعة- لأمهات غزة وفخر الصدام مع كوماندوز سرقة الأحلام- يصبح السمع مصنعاً لأحلام اليقظة وقابلة الأفكار المتوتر الجميلة.
رنين السكايب، لكنة إيهاب الإنجليزية المتّزنة، أغاني الشيخ إمام، ضجيج الراديو في مقطورة الكابتن جورج، صوت خطى أمي ذاهبة إلى العمل صباحاً، وصرير الدفّة. ثم تأتي الأغنية: "يمّا سرينا بصبح، مشيت مراكبنا.. والبحر موجه هدي كرمال واجبنا"
حوار الصحافيين المتأهب فيما بينهم حول حظر النشر، تمييز صوت الرصاص عن الغاز المسيل للدموع. أسئلة جدتي البريئة، عنداء كييت عند جهاز المعكرونة، الهتافات الممنوعة وحديث الرفيقة لحبيبها عبر هاتف القمر الصناعي.. وكلام العاشقين: "يا موج البحر يا عالي..يا واصل برّنا الغالي.."
اخي يتحدث اثناء النوم، ضحكة البنت التي لأجلها لا أموت، سخرية أبي تغلّف خوفه، الصحافية تسجل مقدمة تقريرها، وصوت آرام الصغير يلعب، خارقاً هدير المحرّك القاتل.
*
ما الذي يجعل من هذا الأمر حلماً؟ كأنني عجوزا تعود إليه قدرته الجنسية، او شاعرا يولد من جديد.
*
أخبرني مايكل ان الكابت جورج يريدني وهو أن نقسم الوقت بيننا لقيادة المركب أثناء نومه، ثلاث ساعات، من الثالثة فجراً حتى السادسة، عليّ أن اقود هذا المركب في بحر ساعات الفجر المجنون. وفقط لأجل الخلفية التاريخية: ليس لدي حتى رخصة قيادة سيارة! أنا غالباً ما أقع عن الدراجة الهوائية، وأتعثر بالمشي! سفينة؟!
*
ما الذي يمكن أن يحدث؟ السجن؟ أحتاج مؤبداً لأتمكن من كبت الأفكار بالكتابة. نعم، الكتابة تكبت الأفكار. الأفكار مثلنا، لا تولد مع أي خطوط حمراء، لكننا قد ننتهي إن لم توضع لنا الحدود. الأفكار كذلك. لا بد أن نقيّدها بالكتابة لئلا تضيع منّا إلى الأبد. الفكرة؛ إمرأة جميلة تمر أمامك في بلدٍ غريب لن تعود إليه.
*
أفكر كثيرا، هل يجب أن أكتب؟ أنا لست صحافياً، لست هنا لادون مغامرة، أنا هنا ليس لأكتب، أنا هنا لأدخل غزة. هذه الأسطر هي الاغتراب عن ماهية الفعل، لماذا اتمسك بها إذن؟
هل نفعل الأشياء لنكتبها؟ أم نفعلها ثم نرى أنها تستحق الكتابة؟ ولكن الكتابة هاجس لا يفارقنا، خاصةً في هذه الحالات، هل تنزع رغبة الكتابة المسبقة عن الشيء مصداقيته؟ لا يمكنك إلا ان تتخيل التجربة مكتوبة قبل ان تخوضها، كلنا نقعل هذا، ربما هذا الفرق بين الصحافي والسياسي وبين الشاعر الحقيقي- هذا يفعل ليكتب، ذاك يفعل حتى يختنق، فيكتب.
ملاحظة عابرة: وُلد بودلير في غزة.
*
سألني سانتياغو قب لأيام نحن نحتسي الجعة الأولى بيننا في قهوة صغيرة في قرية تركية نائية: أنا قررت الانخراط بمنظمات مناهضة إسرائيل منذ أربع سنوات، وأنت؟
أردت أن أجيب باستفزاز وفظاظة: نحن لا نختار هذا، هذا يولد معنا.
لكني تذكرت حينها أني سأكون كاذباً، ثم شعرت أني أحب هذا السانتياغو.
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفنخب غزة و نخبك مجد كيّال
ردحذفعارف شو بدي أحكيلك
رغم الاحصار على غزه ز قلسطين و لكن فلسطين ستتحرر بأذن الله وسترجع الى اصحابها ( الفلسطينيون الاشداء الذين يريدون حقهم بأي شكل من الاشكال )
ردحذفانشاءالله فلسطين ترجع الينا و نطرد الصهاينة كلهم من فلسطين
ردحذفومن العالم العربي كله
ردحذف