القول الفصل

القول الفصل

الجمعة، 2 يوليو 2010

حين شيّعوا لأولاد عمّه


فرح متردد تخلفه المفاجأة. لم يسبق له أن يدعى لحفل زفافٍ في صالة أفراح، إنها عادة غير مألوفة في قريتهم، وهو قلما يشارك الأفراح منذ وقت طويل؛ منذ سمع الناس يتهامسون: "إن مكانه محل المصائب، ما الذي يفعله هنا؟"

ذكاءه غير الخارق لم يؤهله لأكثر من وراثة منصب الوالد، حفارًا للقبور مُغسلًا للموتى. عندما كان يتوسل أمام والده لاعفاءه من المهمة كان يرد الوالد: "أعرف قريةً في الجليل صار مغسل الموتى فيها مختارًا."

على مدخل صالة الأفراح رتب موضع الوردة الحمراء في جيب القميص الأصفر الـ"لمّيعي". إن زميله أسعد، "جنايني" مقبرة المسيحيين، الذي دعاه إلى عرس ابنته يحب الورد كثيرًا، وكل ما أراده في هذه اللحظات على باب الصالة، هو أن يكون مقبولًا على الجميع.

عندما قال المغنّي "لنستقبل العرسان..." لم يفهم إلى أين قام الجميع، فذهب وراءهم ووقف يرقب دخول العرسان، ثم أخذ يصفق ويغني مع المطرب أغانٍ يسترق السمع إليها يوميًا بين الجنازة والأخرى ثم بدأ يرقص... ويضحك.. وحده.. كأنه غاب عن العالم فرحًا.. كأن ينتشي للمرة الأولى بين شبان يانعين يهيجون فرحًا حول شاب يحمل العريس فوق كتفيه وفتاياتٍ يزغردن ويرقصن بخفة ثواني العمر التي تمر.

يضحك.. يرقص.. يغني.. يصفق ثم ينتبه لإحمرار وجه الشاب الذي يرفع العريس فوق كتفيه فيفتح بيديه طريقًا بين المحتفلين ويركض مصفقًا بإتجاه العريس المرفوع على الأكتاف: "آجر.. آجر.. آجر.."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق