القول الفصل

القول الفصل

الأحد، 14 أكتوبر 2012

عن الولدنة.. والحريّة









في أشياء، بتعرفها بس وأنت سكران، بتكون هلقد عظيمة، هلقد جميلة، هلقد مُبدعة وهلقد مسروقة، ثاني يوم بتفيق، بعد م تخلص مهمة التخلّص من وجع الراس، بتصحص وبتتحمم وبترتب حالك، وبترخيلها عشان تشوف إبداعاتك العظيمة.. بأفضل الأحوال بتتذكرهاش، بأحوال أخرىبتفتح الدفتر الي كنت مسجّل عليه أفكارك الخارقة وبتعرفش تقرا خطّك، أو بتفتح النوتس ع الآيفون وبتفهمش اشي ع التخبيص الي كاتبه... وبأسوأ الأحوال، بتتذكر بوضوح فكرتك، بس بتقول لحالك: إيش هاي السخافات؟ 



مرات بتقول أشياء وأنت مع عشيقتك، بتكون حاسسها بعنف، وبتكون كل كلمة بتطلع من ثمّك بمحلها، من العمق، من كل اشي فيك بتحرّك، وبعد يومين بتنشغل عنها أو بتنشغل هي عنّك وبتصير تفكّر: عنجد؟ عنجد هي كل إشي بالنسبة إلي؟ أبد؟ بلا هبل! شو؟

وهون مش المكان الي نفصّل فيه الفوتة الي بتفوتها بحالك لما تفكّر أنه: طيب معقول هي كمان إسا عم بتقول لحالها بعد يومين انشغال: "عنجد؟ عنجد هو كل إشي بالنسبة إلي؟ أضل معه للأبد؟ بلا هبل! شو؟"


مرات كثير وأنت صغير، بالمدرسة مثلاً، بتكون تقول أشياء كبيرة، بتكون تقول بديش أتجوّز، بتعرف شو؟ بديش أعمل تنازلات عن المواقف، بديش أتنازل عن حريّتي، بدي أضل أحكي الي ع راس لساني وميفرقش معي حدا، فش عندي شو أخسر، بديش يصير معي مصاري، وبديش المواقف والآراء والمبادئ تتحوّل لشغل أقبض عليه مصاري... بتكون تقول كثير أشياء، وبعدها بتكبر وبتلاقي حالك ملبّط بدين وحلة الخرا الي حواليك، بتلاقي حالك كبرت، بتلاقي حالك واقف مع شب أصغر منك بتسع سنين وبتقلّه: "كلّه بقول مش راح أتجوّز، منشوفك كمان عشر سنين"، بتلاقي حالك عم بتقول لإبن خالك: "خفف مشروب، بكرا الذاكرة بتبدا تخفّ"، بتلاقي حالك عم بتقول: "بس ياخي أنت طريقتك العنيفة شوي بتبعد الناس عن الآراء الي كلنا متفقين معك عليها..."


ولك يا أبن العرص، مدام كلكو متفقين معي عليها، ليش أنا الوحيد المغلول ومتعصبن عليها؟ 

العمر بروّض الصدق؛ بتصير تقدر تتفق ع أشياء بلا م تقاتل عشانها، بتتعود أنه.. أنه فش إشي محرز تحرق أعصابك عليه، بتفهم أنه المسبّة بترجّعش حق، يمكن بأفضل وضع تفشّلك خلقك بس مش أكثر من هيك.. بتفهم أنه الأسرة إشي مهم، أنه أبوك بدّه ولد يحمل إسمه، بتفهم أنه هاي المعتّرة الي كل مرة بتلاقيها بتحسّ إنها أهم إشي بحياتك، تعوّدت عليك وبطلت تقدر بدونك وصرت عن جد أهم إشي بحياتها لأنها تروّضت ع وجودك، وبتقدر تقلها سلامات يابا... بتفهم أنه الفكرة الي بتقولها بدها سياسة تحوّلها لواقع، وأنه السياسة بدها ناس تناضل عشان تغيّر الواقع، وأنه الناس مرضى نفسيين ومجبور تحتويهن، وتحتضنهن، وتوكل خرا ع الهبل، ع السخافات الي بتنحكى، ع الخزعبلات والاستمناءات الفكريّة الي بتطرشق ع الدنيا مصطلحات مالهاش أساس وافكار عديمة المنطق... وهيك بتتغيّر، هيك بتتعلم تكذب

هيك بتتعلم إنّك تعيش عمر كامل مع زوجة وأنت عم تسأل كل يوم لمّا تفيق إذا عنجد أنا بدي كل يوم أفيق حد نفس الإنسان؟ هيك بتتعلم إنك تعيش عمر كامل بحزب وأنت تفكّر: هل عنجد كل الخرا الي عم نعمله هو ضروري للحفاظ على قلعة الصمود والتحدي والزفت؟ هل عنجد هاي البنت الصغيّورة الي مملية حياتي، ومعطيتني سعادة وفرحة قد الله، باللحظة الي فاقت تبكي بنص الليل، ولما بدها 2800 شيكل كل شهر للحضانة، هل عنجد أنا كان بدّي اياه؟  هل عنجد كان بدّي أشتغل بهاد المحل الي فتت عليه قبل سبع سنين وكنت مبدئي وأقول: "أنا مستحيل أبقى بمؤسسة أكثر من سنة!"  هل عنجد أنا بدي أكون بعدني فيه؟ رغم أني صرت مدير بشي فرع من هلمؤسسة ومسؤول عن شي مشروع عظيم... هاي كلها أسئلة مرضيّة كئيبة ومرعبة...

بس المرضي والكئيب والمرعب أكثر منها، هو أن يصير هذا كلّه، وأنت حتّى ناسي أنه هاي الأسئلة لازم تنسأل، أنه هذا كله يصير والنظام الماشي بالعك بقلبه وأنت مش حاسس أنه في إشي غلط.

كل مؤسسة بالعالم: العائلة، الحزب، الجمعيّة، الجريدة، الجامعة.. كل مؤسسة من هدول، وغيرهن، شغلها أنه تعلمك كذبتها وتحفّظك كذبتها، أنه زي م شرحلي سعيد سويدان عن الجيش، بخلوك تضل تكرر نفس العمليات، نفس الخطوات، نفس الأجوبة، نفس ردّات الفعل، كل يوم وكل ساعة وبكل إشي بتعمله، لحتى توصل لمرحلة إلي لما تناقش أو تحكي أو تجاوب، متفكرش، تحكي شو حافظ، تحكي شو طبعوا عليك، وخلّصنا... 


مشكلتي مش مع أنه الناس بتكبر، ولا أنها بتتجوز، ولا أنها بتندفن بالحزب، ولا بالمؤسسات، ولا بالجريدة، ولا بالأكاديميا، مشكلتي مع أنه الناس بتنسى، بتنسى شو هي نفسها كانت وهي صغيرة، بتنسى شو كانت تقول، بتنسى شو كانت تحكي، بتتنصل من الماضي، بتتنصل من طفولتها، بتتنصل من شبابها، بتتنصل من عنفوانها بتتنصل من حرقتها وغضبها، بتتنصل من كثير أشياء... 

مشكلتي مش مع إنك متجوّز، مشكلتي مع إني لما بقلك أنه بديش أتجوّز، بدل م تقلّي: "أحسنلك"، "أوعى".. بتقلي "كلو هيك بقول".. بتقلي "حكي فاضي" وأنت عارف أنه مش حكي فاضي، م لو إنه حكي فاضي، والزواج فش أحسن منّه، كان سمعتني أكمّل جملتي للآخر، بس م أنت لازم تروح قبل م مرتك بالبيت تلعن أبو دينك لأنه الساعة صارت 12 وأنت بعدك قاعد بالبار.. 

مشكلتي مع إنك مقموع، ولما تشوف حدا بعده رافض ينقم  بتحطمه وبتساعد بالدعسان ع راسه عشان تحس منيح مع حالك- لأنه بس إذا شفت حدا خارج التلم بتقدر تتذكر إنك بالتلم، بس إذا شفت حدا برّيت السور بتقدر تعرف أنك داخل السور.. 

مشكلتي مع شو صح وشو غلط، مشكلتي مش مع قرار أنه صح تتجوز ولا مش صح، الحزب صح ولا مش صح، شغلك صح ولا مش صح... بهمنيش شو الصح وشو الغلط... بهمني أنه الصح يكون حُر..  وبين أختيار صح مأخوذ بسياق مؤسسة بتقيّدك وأختيار خاطئ مأخوذ بحرية تفكيرك ونقدك وعقلك... أنا بفضل أمشي ع الاختيار الخاطئ.

مش عم بطلب أنحياز لشو صح وشو خطأ؛ عم بطلب انحياز للصِغَر، عم بطلب انحياز للجيل الأصغر، عم بطلب إنحياز للشباب، إنحياز للمراهقة، إنحياز للطفولة- إنحياز للطفولة مش من محل شفقة، ولا من محله أنه "وااااو مأحلااا الصغار قديش بفكرو بشكل خيالي وأبيض يا ماميييييي"... لأ.

إنحياز للطفولة بمعنى إنك متتنصلش من أفكار الطفوليّة لما تكبر، متنقلبش عليها، متقلش إنها كانت هبل، إنها كانت سخافات... حلّوا عنّا من تناول الطفولة الوردي والدلع والسمج. 

كل الفكرة هي أنه البلوغ والرُشد والعمر، ما إله علاقة بمدى عقلانيّتنا، إله علاقة بقدّيش منصير مروّضين وقديش منصير زيّ الكل. 

كل الفكرة هي الانحياز لتحرر الإنسان  من بلوغه، يعني من تقييده بقيود نفسيّة وإجتماعية واقتصاديّة وإلى آخره... 

كل الفكرة هي أنك تقدر تحب وتعترف بجمال فكرة السكران حتى لمّا ثاني يوم تصحى..
أنك تتعامل مع مقولتك الي قلتها وأنت طفل بجديّة، حتى لمّا تكبر
أنك تعرف قديش صادق وحقيقي أنه هلصبية هي "كلشي بالنسبة إلك" حتى لما تفيق من حلم العشق بعد كم يوم.. 

الفكرة إنك متستخفّش بالأوضاع الي بتحررك، إنك تتعاطى معهن بجديّة...

 الفكرة إنك توخذ الحريّة بجد.




بجد
مجد قصدي. 

شكرًا. 

هناك 5 تعليقات:

  1. بجد بجد بس شو بدك تصير بس تكبر مجد؟

    ردحذف
  2. عارف شو بدي أحكيلك

    ردحذف
  3. انا مبسوط اني تروضت، لاني لو بفكر متلك راح يضل راسي يوجعني، ف بفضل اني اتجاهل انو انضحك عليي واعيش متل القطيع، اريح وحياتك، اريح ما تفكر... قلبتلي جراحي يا مجد.

    ردحذف
  4. و في ناس بعد بتكفيها وردة وحدة ع نجمه وقعوا بعيد عنها و عم بتنقلو من نجمه لنجمه لحتى يرجعولها لانها اغلى من كل الوردات الي ع باقي النجوم سوا .
    و في ناس بفكروا انو الناس الاولانيين - متلهن يمكن و يمكن لأ- عم بلفوا النجوم ليقطفوا او لينسو وردتهن مش ليرجعولها لانها اكيد عطشت و ما في حدا يدير بالو عليها.
    ع قولتو : " كل لكبار كانو مرة صغار.... بس نسيوا"
    ع قولتي : " كل الي ارتبطوا و مشيوا بالتلم كان مرة حلمهن يرتبطوا ...بس نسيوا"

    w.i.e.i.u

    ردحذف