الرسالة الرابعة إلى ويليام
عزيزي ويليام،
هل تذكر الأفلام الأمريكيّة، حين يُفرغ أحد الأشرار مسدسًا دوّارًا، ثم يُعيد إليه رصاصة واحدة فقط، ثم يدوّر عجل الرصاص بحركة إبهام سريعة حتى لا يعرف المشاهدون إن كانت الرصاصة ستنطلق من الفوهة أم لا؟ ثُم يضغطون الزناد، وكلًّ شخصيةٍ وحظّها.
إنهم يسمونها لعبة الروليتّا الروسيّة، وعليك يا ويليام أن تكون على ثقة بأن هذه المسدسات لن تطلق النار أبدًا، فإن الكتّاب لو أرادوا كتابة مشاهد تموت فيها الشخصية، لما احتاجوا إلى كل هذه الحبكة الدراميّة. إن هذه المسدسات لا تقتل أبدًا، إنها تُرعب فحسب، وما حاجة الكُتّاب أن يرعبوا شخصيةٍ ستموت بعد ثوانٍ قليلة؟ ما الفائدة من زيادة حبكة أخيرة، دفعة أخيرة، لقصة نعرف أنها انتهت. ما الحاجة، يا عزيزي، أن أكتب إليك كل يوم؟
هل تعرف؟ إن مشهد المسدس هذا هو أقرب ما يكون إلى قصص الحُب. في كلّ مرة تتكرر القصة، يدغدغ الحبّ صدرك مثلما يدغدغ المسدس صدغك، الشفاه الدافئة مثل الحديد البارد. كلما بدأت قصّة تفكّر: إنها النهاية، إنّي في طريقي إلى الأبد، إلى الحُب الخالد. ثم تمرّ لحظات الموت، ثوانٍ قليلة، أو سنوات قليلة، وتشعر أنها العمر الخالد بأسره، ثُم تسمع عن طريق جمجمتك صوت الزناد يشد إلى الخلف ثم ينفلت شيء ما في داخل المسدس، ثم الموت.
خذ نفسًا مليئًا بالحياة، لم تمت، كان المسدس فارغًا مرةً أخرى. ثم ابدأ قصّة حُبٍ جديدة. إننا حين نُحب يا ويليام، نعيش بين نهاية الفقرة السابقة وبداية هذه.. وستستمر قصص الحب، حتى تجد واحدةً محشوّةً بالرصاص تأخذ عُمرك.
إني أتذكر أمك يا ويليام وهي تجثو على ركبتيها عند الطاولة المنخفضة وهي تحتضنك، كانت تنفخ لتطفئ الشموع في عيد ميلادك الثالث، وكان في جسدها المنحني سحر يعصر الدمع من عينيّ. كنت أسترق النظر إلى شفتها وهي تمتد في زفير، ثم أراقب كعبيها بالجراب الدافئة يسندن مؤخرتها اللينة. كانت قد مرّ في حينه ثلاث سنوات ونيّف على آخر مرة رأيتها عاريةً، ثم كنت أراقبها تقبّل خدّك.. يومها انطفأت الشموع دون دخانٍ يُذكر.
(هل أعجبك ذلك؟ إنك تورطني أكثر وأكثر! إن الكتابة بلغتك جعلتني أتحدث عن أمك بصورةٍ غير لائقة، أهذا ما أردت؟ انظر إلى أين وصلنا! أرجوك اعفني من هذه المهمة يا عزيزي، يا عزيزي، أرجوك افهمني، إن عمرك هو عمر خسارتي في الجولة الأخيرة من لعبة الروليتّا الروسيّة، وأنا تعبت من الألعاب.)
إن أمك لا تحبّني، ولا غيرها من النساء، ومن حظّك أن صفاء تُحبك بالفعل. إننا يا ويليام، مثلما قلت لك، لا نعرف إن كان هذا الحبّ حقيقيا، إلا عندما ينفجر رأسنا، إلا عندما نموت. لقد رحلت عنّا يا ويليام، رافقك الموت إلى البعيد. فعُد يا عزيزي، عُد أرجوك، لتُخبرنا إن كنّا نُحبك بالفعل، أو أن كل ما خسرته، وكل ما عشته، أنا وأمك وصفاء لأجل سعادتك، كان فيلمًا واحدًا طويل.
زهرة (2013) |
عزيزي ويليام،
هل تذكر الأفلام الأمريكيّة، حين يُفرغ أحد الأشرار مسدسًا دوّارًا، ثم يُعيد إليه رصاصة واحدة فقط، ثم يدوّر عجل الرصاص بحركة إبهام سريعة حتى لا يعرف المشاهدون إن كانت الرصاصة ستنطلق من الفوهة أم لا؟ ثُم يضغطون الزناد، وكلًّ شخصيةٍ وحظّها.
إنهم يسمونها لعبة الروليتّا الروسيّة، وعليك يا ويليام أن تكون على ثقة بأن هذه المسدسات لن تطلق النار أبدًا، فإن الكتّاب لو أرادوا كتابة مشاهد تموت فيها الشخصية، لما احتاجوا إلى كل هذه الحبكة الدراميّة. إن هذه المسدسات لا تقتل أبدًا، إنها تُرعب فحسب، وما حاجة الكُتّاب أن يرعبوا شخصيةٍ ستموت بعد ثوانٍ قليلة؟ ما الفائدة من زيادة حبكة أخيرة، دفعة أخيرة، لقصة نعرف أنها انتهت. ما الحاجة، يا عزيزي، أن أكتب إليك كل يوم؟
هل تعرف؟ إن مشهد المسدس هذا هو أقرب ما يكون إلى قصص الحُب. في كلّ مرة تتكرر القصة، يدغدغ الحبّ صدرك مثلما يدغدغ المسدس صدغك، الشفاه الدافئة مثل الحديد البارد. كلما بدأت قصّة تفكّر: إنها النهاية، إنّي في طريقي إلى الأبد، إلى الحُب الخالد. ثم تمرّ لحظات الموت، ثوانٍ قليلة، أو سنوات قليلة، وتشعر أنها العمر الخالد بأسره، ثُم تسمع عن طريق جمجمتك صوت الزناد يشد إلى الخلف ثم ينفلت شيء ما في داخل المسدس، ثم الموت.
خذ نفسًا مليئًا بالحياة، لم تمت، كان المسدس فارغًا مرةً أخرى. ثم ابدأ قصّة حُبٍ جديدة. إننا حين نُحب يا ويليام، نعيش بين نهاية الفقرة السابقة وبداية هذه.. وستستمر قصص الحب، حتى تجد واحدةً محشوّةً بالرصاص تأخذ عُمرك.
إني أتذكر أمك يا ويليام وهي تجثو على ركبتيها عند الطاولة المنخفضة وهي تحتضنك، كانت تنفخ لتطفئ الشموع في عيد ميلادك الثالث، وكان في جسدها المنحني سحر يعصر الدمع من عينيّ. كنت أسترق النظر إلى شفتها وهي تمتد في زفير، ثم أراقب كعبيها بالجراب الدافئة يسندن مؤخرتها اللينة. كانت قد مرّ في حينه ثلاث سنوات ونيّف على آخر مرة رأيتها عاريةً، ثم كنت أراقبها تقبّل خدّك.. يومها انطفأت الشموع دون دخانٍ يُذكر.
(هل أعجبك ذلك؟ إنك تورطني أكثر وأكثر! إن الكتابة بلغتك جعلتني أتحدث عن أمك بصورةٍ غير لائقة، أهذا ما أردت؟ انظر إلى أين وصلنا! أرجوك اعفني من هذه المهمة يا عزيزي، يا عزيزي، أرجوك افهمني، إن عمرك هو عمر خسارتي في الجولة الأخيرة من لعبة الروليتّا الروسيّة، وأنا تعبت من الألعاب.)
إن أمك لا تحبّني، ولا غيرها من النساء، ومن حظّك أن صفاء تُحبك بالفعل. إننا يا ويليام، مثلما قلت لك، لا نعرف إن كان هذا الحبّ حقيقيا، إلا عندما ينفجر رأسنا، إلا عندما نموت. لقد رحلت عنّا يا ويليام، رافقك الموت إلى البعيد. فعُد يا عزيزي، عُد أرجوك، لتُخبرنا إن كنّا نُحبك بالفعل، أو أن كل ما خسرته، وكل ما عشته، أنا وأمك وصفاء لأجل سعادتك، كان فيلمًا واحدًا طويل.
تفوقت عحالك هون
ردحذفلأنها اكثر من رائعة:)