عزيزي ويليام،
إن الأمور لا تزداد إلا تعقيدًا، كادت البهارات تنفذ من أدراج مطبخنا، أنظر إلى وجهك الميّت يستنزف الكركم.
عُد يا ويليام، تعال واسرع بلملمة الثياب الداخلية عن حبال الغسيل، أغلق نوافذنا، أشعل المدفأة، جهّز الشاي، حمّص الخبز، شاهد ناشينال غيوغرافيك، وعتّم الصباحات... تعال ليأتي الشتاء يا ويليام، نحن نكره الشتاء، نكرهه لكننا نريدك أن تأتي ليضيء البرق الطريق نحو نهاية هذه القصّة المزعجة، لكي ينبت في آخرها الفطر الشهيّ السام.
فطر المدينة يا عزيزي، ذاك المعلّب، وذاك المغلف في السلال، غير الفطر الذي عندنا. عندنا الفطر دون أشكالٍ رتيبة، لذا، فإنه يشبهك. ونحن نشبهك يا ويليام، فهلّا تعود إلينا؟
نحن يا ويليام لا نريد لك إلا كلّ خير. أنا وأمّك سننتظرك إلى الأبد، ولكننا لا نستطيع أن نحبس صفاء بين جدراننا إلى الأبد. قبل أن تذهب، كنت لها سجنًا ضيّقًا يحيطها صبحًا ومساء ويسلّيها، وعندما غبت في الممات، بدأت جدرانك تبتعد وتبتعد دون أن تتحطم، والسجن يتسع ويتسع دون أن تفتح أبوابه. أنت تعرف يا عزيزي أن السجون كلما اتسعت كلما صارت أكثر وحشية: أنظر قريتنا، أنظر غزّة، أنظر كوريا الشماليّة.
لقد اشتقت إلى نقاشاتنا السياسية يا ويليام، هل تظن أن شيئًا سيتغيّر في كوريا بعهد الطاغية الجديد كيم جونغ أون؟ وهل تعتقد أصلاً، بأن السلطة، مهما اشتدت سطوتها، يمكنها أن تؤثر على طعم الفطر؟
لقد تعبت يا عزيزي، لقد أتعبتني وأنت تتقمص دوري في الكتابة، دعني أكتب لك ما أشاء، دعني أقول ببساطة، أنني أريدك أن تعود لأن هذه سنّة الحياة يا أبي.
سلاماتنا الحارة لك ولغارسين وللجميع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق