لعلّ الأساس في حياتي كلّها، أن لا أسكن بيتًا
ولا مكانًا مغلقًا. لعلّ الأساس أن لا أملك أبدًا غرفةً بأربع جدران، لعلّ الأساس
أن لا أمتلك ذكرى. فبيني وبين الذكريات علاقةٌ فاترةٌ حدّ التّجاهل والنّفور، بيني
وبين المكوث طرد.
والآن: دفترٌ أبيض صغير، علبة ألوانٍ حديديّة
زرقاء، ورزمة أوراقٍ زهريّة على شكل قلب حُب، كانت رامة أول ما تعلّمت الكتابة،
تكتب لي عليها. والآن: كل الأشياء التي لم أعرها أبدًا أيّ اهتمام. والآن هذا
المكان الذي لا يعني لي، الأماكن كلها لا تعني لي، لكني كلما خرجت من مكانٍ صرت
حبيسه.
أذكر أن استيقظت، كانوا كلّهم في غرفة
الاستقبال، عرفت أن مصيبةً قد حلّت ودخلت أمّي تبكي. الآن، هذا المكان، حبيس،
أوراق زهريّة على شكل قلب حب وعلبة ألوانٍ حديديّة، تجاهل ونفور والمكوث طرد.
الآن، أنت، الآن أنت يا حبيس الخارج. الآن آرام يدخل من شبّاك الحمّام مثل سوبرمان
ويفتح الباب الموصود.
الآن، هذا الخارج يبتلعني من الداخل، هذا
الإتساع الذي تصبح فيه أجوفًا مثل الصدى، هذا المدى المغلق، هذا الردى: من أين؟
تسألني الشوارع. ذنب من هذا؟ هذا ليس ذنب أي شخص، هذا ذنبي وحدي، وما الحل؟ ما
الطريق؟ الطريق.
هناك أسئلة كثيرة لا تملك إليها إجابة لأنك لم
تسألها أبدًا. لكن الذاكرة تملك كلّ شيء، وجميل أن ترفض أن تتذكر، لأنك في حينها
ترفض أن تمتلك أي شيء. وما الذي يبقى لديك؟ تبقى الشوارع مثيرة حلوة متعبة، وعلى
ظهرك حقيبة سوداء ثقيلة، مثل الدمعة ومثل الغصّة ومثل القصّة ومثل الخوف، وأنت
تطير خفيفٌ خفيف، مثل الريشة مثل الأخلاق، مثل القمصان البيض، مثل الذاكرة؛
خفيفًا حزينًا أهبل جثةً تشرب السيفين أب غير مكترثة، تطير ثقيلاً تغط قتيلًا.
وخلص، خلّصت الي بدي أقوله.
باي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق