عزيزتي هند،
عندما قررنا أن ينتهي كل ما بيننا، اتفقنا أن آخذ الكُتب وتأخذي الإسطوانات، أنا آخذ عُلب الملح والسكّر وأنتِ لك المنضدة البيضاويّة، أنا أحمّل التلفزيون وأنت الحاسوب. كنت أظن أننا اتفقنا على كل شيء، لكننا لم نتحدّث أبدًا عن الكمّامات التي وزّعوها لنا في حرب صدّام.
لقد أخذتِ كمامتك وكمّامتي دون أن تخبريني، وقد لاحظت ذلك لكن الأمر لم يكن يعني بالنسبة لي أي شيء، كنت أظن أن الكمّامات في البيت أمر هامشيّ ليس له أي أهميّة، مثل المرآة المزيّنة بالصدف المرميّة في المخزن.
لكنك ترين الوضع، ألا تشاهدين الأخبار؟
كيف سأبدل الآن الكمّامة؟ ذهبت إلى حيث يوزّعون الكمّامات وقالوا لي أني يجب أن أعيد الكمّامة القديمة. أخبرتهم بما حصل فقالوا أنهم سيجدون لي حلًا، طلبوا رقم الهويّة، ثم قالوا لي أنك قد استبدلتِ الكمّامتين وبأن سجلّاتهم تقول أني أملك كمامةً للحربِ القادمة. قالوا: زوجتك أتت وأخذت لك الكمّامة.
حاولت أن أحكي لهم أن كل ما بيننا انتهى، لكن الموظّف العصبي لم يكن يعنيه قصّة السفر والأقراط وموسيقى الفادو وكل الأمور التي حالت دون أن نموت معًا.
ماذا سأفعل الآن يا هند، أنت لا تردّين، وترفضين التحدث إليّ، وما الذي سأفعله أنا؟ هل أعطيتيه كمّامتي يا هند؟ هل سيلبس كمّامتي حين تدقّ الحرب القريبة أبوابنا بالصواريخ الكيماويّة؟ عرفت أن الإنسان ليس وفيًا، لكن أحدًا لم يخبرني بأن الكمامة أيضًا لا تكون وفيّة للإنسان الذي تحمل رقم هويّته، وكيف تكون كذلك، ونحن بأنفسنا لسنا أوفياء لرقم الهويّة الذي نحمله؟
يا هند، لقد قُلت فعلاً أني لا أستطيع العيش من دونك، أني سأموت لو ابتعدتِ، لكن لم يكن هذا ما أقصده.
يا هند، إن الحرب تقترب، بدّك نرجع لبعض؟
مع حُبّي،
مأمون
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق