أعداءً وسهلًا
الفصل بين مدارس الذكور والإناث وسيلة "مكافحة الانحراف" الجديدة التي يتبناها المجلس المحلي في كفر مندا، عنوان جديد للمد الجاهلي المتأسلم، وبئر ملوثة نمر عليها - نحن الناس، الجمعيات الأهلية، الأحزاب والمؤسسات العربية التي تدعي التقدمية- مرور الكرام، فنسقط فيها ونسقط، مرة أخرى، أمام أنفسنا.
لم نر بيانًا صحافيًا واحدًا من التقدميين الأشاوس ولم نسمع عن عريضة توقع ضد مشروع الفصل بين مدارس الإناث والذكور في كفر مندا ولم ينشر مقال واحد في الموضوع، اللهم في مدونة الكترونية او اثنتين. ولماذا الاستهجان؟ إنها كفر مندا... إنها قرى الجليل التي لا تعرف مسرحًا وحانة... إنها هناك حيث الناس البسطاء... إنها بعيدة عن فقّاعتنا "الليبرالية" الدافئة، فلماذا نتحرك؟
لسنا هنا في محل نقاش الحجة بالحجة، لأسباب كثيرة، ولسنا في محل إثبات الاضرار التي ستنجم عن مثل هذه الخطوة، لأسباب كثيرة. إلا ان السبب الأساسي هو أن خلافنا ليس خلافًا على الحلول بل على ماهية المشكلة. خلافنا مع من يريد الفصل بين الذكور والاناث في المدارس مكافحةً للـ"إنحراف المتفاقم" هو ليس خلاف حول علاج المرض، بل حول تشخيص المرض أصلًا.
عندما يُقال "الانحراف المتفاقم"، وهو ما يريد المجلس المحلي في كفر مندا مكافحته، لا أحد يقصد ظاهرة السلاح في البلدان العربية، لا أحد يقصد القتل على شرف العائلة، ولا الجرائم التي تحركها غريزة الحمولة ولا الطائفة. عندما يقولون "الانحراف المتفاقم" يقصدون العلاقات بين الجنسين او يقصدون بيع الكحول في البلدة، يقصدون الحلقة في اذن الشاب ويقصدون جرأة الفتاة على أن تقول "لا " في وجه أخيها.
إنها حقيقة "الإنحراف" الذين يريدون معالجته. لذا فان الانجرار وراء نقاش جدوى او ضرر "حل" مثل الفصل هو انجرار ساذج وخاطئ يعترف بوضع الحريات الفردية في تحت تصنيف "الإنحراف".
الإعتراف إنحراف
وفجأة، يصبح مصطلح "التطبيع" كلمةً متخلفة، تقليدية وغير مواكبة لمجريات الحياة. تصبح إن تكلمت عن التطبيع إنسانًا رجعيًا وغير واقعي، وتريد ان تبقى مدفونًا في التراب فالـ "وماذا لو أتى زياد الرحباني الى حيفا؟ فهو سيغني للعرب!"... "لما لا يأتي مارسيل إلى رام الله او بيت لحم، هذه ليست إسرائيل!".. "شو يعني؟ محمود درويش، مهو محمود درويش أجا على حيفا"؛ إنه الخطاب الجديد الذي يتبناه الكثيرين في الآونة الأخيرة.
وفي هذا الموضوع لدينا بعض البرقيات القصيرة:
1. صباح الخير، الدولة الفلسطينية في الضفة التي تريدون للفنانين العرب أن يقدموا فيها عروضهم وهم وكذبة، حلم، وبالأحرى كابوس، لذا ننشادكم الإستيقاظ.
ليس هناك دولة فلسطينية حرة، ولا دولة ذات سيادة تتحكم بمعابرها وحدودها والداخلين والخارجين منها، لذا فإن الحديث عن عروض "ليس في رام الله بل في اسرائيل" هو مصادقة على ان الضفة الغربية تحررت بسواعد الأشاوس والمغاوير من كتائب سلام فيّاض ومابيعةً له.
2. للعلم، أكثر ما تريده اسرائيل هو ان تستقبل الفنّانين العرب، لأن اكثر ما تريده اسرائيل ان يعترف العرب بطبيعة وشرعية وجودها. فإن كان صراعنا هنا صراع على الحقوق في اسرائيل الموجودة والمفهومة ضمنًا بالنسبة لنا، لا زال الصراع بالنسبة للوطن العربي هو صراع على الوجود.
3. حتى الثامن والعشرين من الشهر، موعد دخول مخصصات ضمان الدخل والبطالة، نود إعلامكم أن العالم لا ينتهي عند التأمين الوطني، هناك ما هو أوسع. وهذا يعني أن نفسياتنا المتناقضة وحياتنا "المفعمة" بالتناقضات الى حد الانفصام هي مشكلتنا نحن، وحذار أن نصدّرها إلى الخارج، فما نطلبه من الوطن العربي هو ألا يقع في تناقضتنا أبدًا، ان يكون واضحًا وقاطعًا في الموقف من اسرائيل.
4. بالنسبة لسؤالكم، الإجابة نعم، من حقكم أن تلتقوا بالفنانين الذين تحبّون، ولكن من حق اللاجئين أيضًا أن يعودوا إلى حياتهم التي توقفت منذ النكبة،إلى نار الفرح وصوت الربابة في الأعراس (حتى لو كنتم تفضلون أضواء المراقص الخافت والساكسوفون) ، ومن حق الطفل الغزي ان يسبح في بحره حرًا وأن يرى الشمس دون أسلاك شائكة (حتى لو كنت تفضلون السباحة في بركة "الحربجي" والنوم حتى ساعات العصر). هذه الحقوق، أهم ألف مرة من حقكم بحضور حفلات الفنانين.
5. دائمًا هناك الأردن، ما حاجتها أصلًا سوى لحضور الحفلات؟ وإذا الوضع المادي مش ولا بد.. دايمًا في youtube.
تعديل
يا معلّمتي.. يا معلّمتي.. اجا الذيب.. اجا الذيب.. اجا تَ ياكلنا.. اجا تَ ياكلنا.. منعمل شو ؟
... نقدم التماسًا لمحكمة العدل العليا.
تحليل من الحي مباشرةً
"والله، من وينتى هلعز؟ هذا الجيش اللبناني من وينتى صار يطخ ويضرب ويصيب ويقاتل... ويحلف عليها بالطلاق؟"
في الحب؛ تجدر الإشارة إلى نقطتين:
أول نقطة حمراء على الفِراش الأبيض.
آخر نقطة سوداء في رسالة الوداع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق