القول الفصل
الاثنين، 27 ديسمبر 2010
الأحد، 26 ديسمبر 2010
الخميس، 23 ديسمبر 2010
ملاحظتين ع السريع
- الحلو بموضوع سعيد نفاع، انه مع كل الي صار، وانفصل من التجمع، وسبّ عليهن، وسبّوا عليه... وبعده ببعث مع البيانات الصحافية صورته من الانتخابات الأخيرة وهو مبتسم قدام الخلفية البرتقالية... بس حبّيت أنوّه، أن الصور ملكية إبداعية للتجمع مش لسعيد نفّاع... إنه المقعد بالكنيست تمام خذه.. بس وحياة دينك سعيد، المرة الجاي لما تبعث أعمالك الخالدة لمنبر الحركة الثورية- بانيت... بشرفك... غيّر الصورة.
- في شغلة، إلي من شهرين عم بفكّر فيها، كثير بدي أقولها، أكتبها.. بس مش عارف.. مش عارف كيف افتح الموضوع.. كيف أجيبه.. مش عارف الطريقة.. أو بالأحرى.. في كلمة واحدة بمركز كل الموضوع، إلي مش عارف أقولها بدون متطلع كثير تضحك، أو كثير تمحن.. بس تذكرت قبل شوي انه بالتخلص هذا الاشي الوحيد الي بشكل عام بعملوه المدوّنات بهلبلد.. بضحكوا.. وبمحنوا (خاصةً إذا كانوا لمدونة شابة قمورة وديسكريطيت بتكتب كل يوم عن الشهوة الجنسية ما بين العقيدة الإجتماعية وعقيدة السكر الي بعملوا فيها إجرين)... بالتخلص.. انا كمان بدي أحكي ع إشي متعلق بالإجرين...
ظاهرة الهيلاهوبات السود يعني بالإنجليزي الـ Pantyhose السودا الي طالعة بالموضة وبتنلبس تحت التنانير! هذا موضوع مصيري إله شهرين مقلقني ومش عم بفكر بغيره! إيش هاد؟ إيش هااااااااااد؟ إيش هاد الإشي الأخو فلّاعي؟ هذا المد والجزر، الكر والفر بين الهيلاهوب والتايتس... واللون الأسود المراوغ والأخو عرص؟.. وانا عادةً إنسان بحبّش غير اللون الأبيض.. بس هذا الأسود.. إشي.. أخو فانع... عم بسطل أبو دين ربّي.. مش عارف شو أعمل.. مجبور قبل ميخلص الشتا (ع فكرة.. الحلو بالشتا هاي السنة إنه كثير نظري.. مش عملي..غير بهاي القضية العينية)..مجبور أطلع دييت مع واحده بتلبس هيلاهوب أسود تحت التنورة.. إنه مش لإشي.. بس للبروتوكول يعني... للسيرة الذاتية... انه مثلا لنفرض انا بكرا بدي اروح اقدم لوظيفة بمكتب العلاقات العامة لوزارة الداخلية.. بدهن يسألوني شو بعرفي بالمواضيع الداخلية... هذا أكثر موضوع مصيري.. ليش؟ لأنه هذا موضوع بنحسب على الملابس الداخلية.. بس هو عمليًا ممثل الملابس الداخلية أمام الناس.. يعني.. كيف أشرحلكو
يلعن دين الشغلة
عفكرة.. أنا إنسان جامد...
كيف قدرت أحط واحد من أسوأ شغلات بالعالم مع واحده من أحلى أشياء بالعالم... ببوست واحد :)
ظاهرة الهيلاهوبات السود يعني بالإنجليزي الـ Pantyhose السودا الي طالعة بالموضة وبتنلبس تحت التنانير! هذا موضوع مصيري إله شهرين مقلقني ومش عم بفكر بغيره! إيش هاد؟ إيش هااااااااااد؟ إيش هاد الإشي الأخو فلّاعي؟ هذا المد والجزر، الكر والفر بين الهيلاهوب والتايتس... واللون الأسود المراوغ والأخو عرص؟.. وانا عادةً إنسان بحبّش غير اللون الأبيض.. بس هذا الأسود.. إشي.. أخو فانع... عم بسطل أبو دين ربّي.. مش عارف شو أعمل.. مجبور قبل ميخلص الشتا (ع فكرة.. الحلو بالشتا هاي السنة إنه كثير نظري.. مش عملي..غير بهاي القضية العينية)..مجبور أطلع دييت مع واحده بتلبس هيلاهوب أسود تحت التنورة.. إنه مش لإشي.. بس للبروتوكول يعني... للسيرة الذاتية... انه مثلا لنفرض انا بكرا بدي اروح اقدم لوظيفة بمكتب العلاقات العامة لوزارة الداخلية.. بدهن يسألوني شو بعرفي بالمواضيع الداخلية... هذا أكثر موضوع مصيري.. ليش؟ لأنه هذا موضوع بنحسب على الملابس الداخلية.. بس هو عمليًا ممثل الملابس الداخلية أمام الناس.. يعني.. كيف أشرحلكو
يلعن دين الشغلة
عفكرة.. أنا إنسان جامد...
كيف قدرت أحط واحد من أسوأ شغلات بالعالم مع واحده من أحلى أشياء بالعالم... ببوست واحد :)
عشرون عاما على الانطلاقة: بوست إحتفالي.
قبل أسبوع تمامًا، في تاريخ 15 ديسمبر 2010، كان عيد ميلادي العشرين، صار عمري عشرين سنة، وهذا اشي كثير مهم، اله تداعيات وارهاصات وأسباب فيه متغيرات وعوامل وثوابت وسوابق وكلشي.. ومن الضروري، لا بل من الطارئ والحتمي، إنه ينكتب بوست بهاي المناسبة السعيدة. بس كان مفروض إني أبدا اشتغل على البوست وأنشره بيوم عيد ميلادي، أو بعد بيوم، أو قبل بيوم... بس للأسف، بسبب الانشغالات، بسبب الهموم اليومية والسياسية والقضايا الفكرية اللي على المحك، وبسبب المهام التنظيمية المُلحة والقضايا المتراصة الي عم تاخذ كل وقتي، بس لاسا تني فضيت أبدا أكتب البوست... وإذا ضحكتوا على الجُمل السابقة، فيبدو انكوا فهمتوا إنّي بس اليوم صحيت من سلسلة سكرات عيد ميلادي، فالله يهدي البال... عشان هيك، ركزوا معي شوي خلينا نخلّص ع البوست قبل منبدا سلسلة سكرات عيد الميلاد المجيد (ليسوع، مش إلي) وراس السنة... وإلا الله مش راح يطلّع البوست.
عشان هيك إسمحولي أفتتح هلتدوينة (لحد هون كانت توطئة.. ع فكرة، شو الفرق بين التوطئة والمقدمة؟)... وإسمحولي، ويسمحلي الرفيق القائد المناضل رازي نجّار أفتتح التدوينة بالشعار الثوري الي أطلقه بمناسبة عيد ميلادي:
كأنك عشرون...مستحيل!
آااااخ... عشرين عشرين عشرين... كأن الواحد ضيّع إشي.. فعلًا، هاي الواحد إلي كانت على شمال رقم عمري اشي كثير حلو، سكسي، صغيّور.. هيك إشي بخليك شو متعمل يطلع منيح وجامد... الإشي بسيط.. بما إنك بعدك بمرحلة الـ "...ــطعش" شو متساوي، وقد ميطلع خرا، دايما رح يرضيك تسمع حدا يقول: "بس يعني، ولااااي.. عنجد بس ...طعش؟" ثلاث-اربع-خمس-ست-سبع-ثمن-تسع.. مش مهم.. المهم الطعش.. بس اليوم غير.. اليوم صرت وعشرين.. ومرتبة الآحاد مثل ما قلنا، بتفرقش كثير.. واحد-ثنين-خمسة-سبعة-تسعة وعشرين... العشرين نقلتني... إسا صارت مشكلة.. يمكن صار لازم عنجد الأشياء تطلع جامدة عشان ينقال عنها جامدة.. فااااك... يمكن صار لازم ابدا اشتغل شوي أكثر بجدية؟ يمكن لازم أبدا أراجع الأشيا كمان مرتين قبل مأبعثها... وآه.. يمكن لازم أصير أعرف قواعد؟
اليوم بطّل في شبكة حماية تحميني، بطلت أقدر أحمي أي إشي خرا بعمله بـ"ولاي، مجد بعده ..طعش؟".. استنى خيا مجد استنى... ايش هاي الإعترافات إسا؟ إنو عيد ميلادك عيد ميلادك بس ليش عم تفتح ع حالك بواب خيا؟ خلص تجاهلوا... طعش .. عشرين... ثلاثين.. بضل من مواليد التسعين... وكل مرة بده حدا يقلي "ولك انت بالتسعيييين؟" بدي أضل أجاوبه.. "بآخر التسعين."
حِزِبطعش
هاي السنة كانت سنة مهمة، للأسف، الشديد..كثير.. آه.. أشد.. كمان.. كمان.. آه حبيبي.. كمان.. شديد...هوووووووب... مش إسا رفيق.. كنت عند للأسف.. هاي السنة طلعت فيها من صفوف حزب التجمّع الوطني الديمقرطاي-انتماء وكبرياء-هوية قومية مواطنة كاملة-جاي يا غلمان جاي-طبعًا تجمع-شعبنا أقوى بالتجمع-هويّتياناانسانعربيفلسطينيخلقتهونببلاديعلىارضجداديبعرفتاريخيوفاهمواقعيبعرفانيمضطهدعشنياناعربي... عن جد.. بلا مزح إسا... بالرغم من إني كثير حاسس أكثر حر.. أكثر بحكي شو بدي.. وبسب ع مين بدي.. وبنزل بمين بدي.. وبشوف الأشياء أوضح.. وبشوف الأشياء ع حقيقتها.. وبشوف السيء.. وبشوف كلشي أسود.. وبحس قديش وضعنا خرا.. وقديش العمل السياسي بالداخل عم بروح عجهنم... ومع انه بفتح آفاق كثير انك تشوف الاشياء من فوق وتفهم كيف بتشتغل وتفكر باتجاهات ثانية وتفكر بشو عنجد بدي اعمل وشو عن جد لازم ينعمل... كله هذا عم بستفيد منه.. ومن إيجابياته.. بس بقدر أقول، بصراحة، انه طلعتي من التجمع هي واحدة من أسوأ أشياء صارت معي هاي السنة.. قد متكون الأشياء زفت.. طلعتي من التجمع طلعة من بيت تربيت فيه على الأشياء إلي حتى بعد مطلعت من البيت بعدني واثق من إنها الأشياء الصح.. البوصلة الوطنية والقومية، فكرًا وممارسة... والتفكير النهضوي والتقدمي (نظريًا) أمور كثيرة تعلمتها، وبالآخر.. التجمع كان محل إلي عم بحس فيه إني بعمل إشي، بالرغم من إنه أضعف الإيمان.. وبالرغم من انه صفر بالنسبة لشو عن جد عم بنعمل.. بس بالآخر.. لما أصفي لحالي قاعد بالغرفة بالقدس... وصافن بالشبّاك.. بفهم انه شعب بدون تنظيم سياسي حزبي... شعب بنتاك ومش راح يوصل لإشي بحياته أكثر من أنه... يثعد بالغرفة بالقدس ويصفن بالشبّاك. بس الأشياء منتهتش هون.. راح أرجع أكتب بشي يوم من الأيام القريبة عن هذا الموضوع... الإعترافات الاخيرة رح أرجع أكتبها.. وأفوت بالكل، هيك اشي زي شمال يمين مثلًا، جاي عبالي... جاي عبالي أصفي شوية حسابات مع فصوص التجمع الي طلعتني من صفوف التجمع.
قدسطعش
في حاجة نطوّل بالموضوع؟ كمان هاي السنة، مش عم بقدر أعيش بالقدس. أنا بكره هاي البلد، أنا بكره القدس... خلص يا حبيبي.. إيش بدكوا؟ الهيكل؟ خذوا ابنوه خيّا.. خذوا شو بدكوا.. احبسوا الشيخ رائد وساوو ايش بدكو بالأقصى انا خيا خلص بديش إشي... עזוב.. بديش اضل انا بهاي اللخة.. انا خيا زلمة بحب حيفا.. وبديش أعيش غير بحيفا... هاي القدس خلوها للشيخ رائد انا خيا بحب حيفا وكما قال الشاعر: "غراب فوق مدرسة راهبات الناصرة خير من ألف طير أبابيل فوق سكن ريزنيك الطلابي والحرم الشريف."
بصفّ الجامعة
مش إني حرّيث بالجامعة.. ومش إني متسطايين.. ولا متسطايين ولا مزدايين (الحقوق محفوظة لكيدوم).. بس عم بفكر إني عم بحبّ الجامعة.. متخيّلتش هيك يكون الإشي.. تخيّلت إني أكره الاكاديميا كثير بس شكلي عم بحب الفلم... هاي السنة اكتشفت اشي كثير لذيذ، متعة معينة بإنك تكون جزء من محل مش عم بهمه اشي غير انه يدوّر عِلِم... هذا الشعور الي حلو الي بتحس فيه خمس دقايق قبل متتذكر إنك بجامعة إسرائيلية والعدو الصهيوني الذي حول جميع مؤسسات الدولة لمؤسسات عسكر تخدم المشروع الإستعماري في المنطقة وتهدف لتحطيم حلم الوحدة العربية من المحيط إلى الخليج.. تسقط الإمبريالية.. تسقط الرجعية... تسقط أنظم الذل والهوان.. يسقط أوسلو.. يسقط كامب ديفيد.. تسقط قمة العقبة... والعقبة قزاز والسلم نايلو بنايلو
عن الصداقات
الله باليني بكم صاحب... كل واحد ملخوخ بلخة أخت شلن... كثير مرات بصفن هيك فيهن.. وإنه هيك بتطلع بتطلع بتطلع... وبقول بالآخر.. "نيّكت"
للأول: إصحى.. إصحى.. لأ يا حمار.. مقصديش من الشرب.. كمّل إشرب.. بس قصدي إصحى من الهُبُل إلي عم بلفوا عليك.. وبتنط عليهن.
للثاني: إصحى إصحى.. أو أقلك خليك سطل ومش عارف الله وين حاطك.. انا اصلا عشان هيك بحبك
للثالث: إصحى.. إصحى.. بدكاش تبطّل مسيحي؟
للرابعة: إصحي..إصحي.. بدكيش اتطلقي أبوكي؟
بحبكوا كثير... مرّات.. مرّات أقل.
عن العائلة
أبوي: انت شو بتساوي هون؟ انت محلّك بالفقرة إلي قبل.
إمّي: أجمد إم مرقت معي آخر 20 سنة
ورد: خيا هاي رابع مرة بفيق عليك مفوّت إيدك تحت لحافي وأبصر شو بتساوي؟ شو السيرة خيا؟ طلّع الجاج.
عن الحب
منقول يا...
عن خيبات الأمل
ملان.. انتِ واحدة منهن
ريم كمان واحدة.
عن الأعداء
قليل... ورغبة جامحة للإنتقام الوحشي.
عن العلاقات
نقتبس:
"ما الجدوى إذًا؟ هل تُضحك الكلمة إلى حدٍ يغيّب التفكير فيها؟ ما الجدوى من كل هذا؟ لا أعرف. كأن أوان الأسئلة قد حان الآن؛ أمر من الحانة التي مللت الجلوس فيها، يوميًا، نحو الحانة القديمة. المساكن التي أمر أمامه في الشارع التعيس نهاية كل أسبوع؛ هناك كنت، هناك نمت، هناك سكرت، هناك ناقشت، هناك ضربت، هناك ضُرِبت، هناك رقصت، هناك قبّلت، هناك بكيت، هناك نسيت وهناك وهناك وهناك...
أن يصبح كل شيءٍ مميز في مكان ما، يفقد التميّز ميزته... كل شيء يفقد المعنى، وتفقد الأمور جدواها وتبريرها في سياق الشوق إلى المكان والكيان. حين تتراكم الذكريات المميزة في سياق، تصبح عاديّة، ويصبح السياق مميزًا دون تميّز فحواه الكثير المتراكمة.. يصبح السياق المتميز مجموعة متراكمة لأحداث متميزة فقدت بريقها. فيصبح التمييز فارغًا من المضمون التفصيلي العيني؛ يصبح مضمون التراكم المتميز، مضمونا شاعريًا كوني... ويستمر ويستمر، إلى أن يصبح مضمونًا غيبي غير مفهوم، ثم يصبح مضمونًا ذاهب في مسارات عاطفية غير قابلة للسقوط في فخ اللغة.
ليس هذا موضوعنا، ليس هذا هو الموضوع...
الموضوع هو السؤال؛ ما الجدوى؟ وكيف نسأل "ما الجدوى؟" إن لم نسأل "ما الهدف؟"... ولكننا، سنقتصد الطريق المتاهة، ويمكننا أن نحدد في هذا السياق كل هدف يمكن تخيّله؛ الحب؟ الأمان؟ السعادة؟
لنفترض أن أحد هذه الاهداف هو الهدف الحقيقي الذي يبرر جدوى ما نفعل؛ أو أي هدف آخر تيردونه... ما المبرر؟
ما الذي يبرر الانصياع التام لنمط أخلاق واحد؟
ما الذي يبرر الأحلام المشتركة؟
ما الذي يبرر الحب في حال كان هدفًا للسعادة؟
وما الذي يبرر الحب إن كان هدفًا بحد ذاته؟
إنه السؤال؛ ما الذي يبرر الحب؟
ما الحُب؟
أن نبني أحلامنا، ونكتئب حين تسقُط امامنا؟ أليس كل شيءٍ في الحياة هكذا؟ ثم، لماذا تسقط؟ ألم يحن وقت السؤال؟ ليس بعد.
ما الحُب؟ ما هي تلك الحقيقة الغائمة التي تجعلنا حين نُسأل نقول أننا "نُحب"، تجعلنا نتأكد أننا في هذا المكان نريد أن نقضي ما تبقى من زمان.
ما الحُب؟ ما الكذبة التي تجعلنا نجلس ونقول أننا لا نريد آخرًا أو أخرى؟ أننا نكتفي بهذا القدر من الأحلام وهذا القدر من الحميمية وهذا القدر من الشخوص المتجلية أمامنا.
ما الحُب؟ ما الخنق الذي يجعلنا نعتق عن بالنا كل التجلّيات الممُكنة في الخلق؟
عذرًا.. سؤال.. ما الأجمل من الانسان؟ لا شيء. فهل يمكن لمطلق "الأجمل" أن يتجلى بفردٍ؟ لا، فاذن، هل يمكن للانسان ان يتجلى بشخص ما؟ لا. فهل يمكننا أن نجد الجمال في مكان واحد؟ كلّه؟ هل من الممكن أن تتجلى كافة الأبعاد الجمالية البشرية في كيانٍ واحد بسيط؟
أخشى الإجابة...
ما الحب إذًا؟
ما جدوى الحُب إذًا؟
ما الجدوى منّا إذًا؟..."
"ما الجدوى إذًا؟ هل تُضحك الكلمة إلى حدٍ يغيّب التفكير فيها؟ ما الجدوى من كل هذا؟ لا أعرف. كأن أوان الأسئلة قد حان الآن؛ أمر من الحانة التي مللت الجلوس فيها، يوميًا، نحو الحانة القديمة. المساكن التي أمر أمامه في الشارع التعيس نهاية كل أسبوع؛ هناك كنت، هناك نمت، هناك سكرت، هناك ناقشت، هناك ضربت، هناك ضُرِبت، هناك رقصت، هناك قبّلت، هناك بكيت، هناك نسيت وهناك وهناك وهناك...
أن يصبح كل شيءٍ مميز في مكان ما، يفقد التميّز ميزته... كل شيء يفقد المعنى، وتفقد الأمور جدواها وتبريرها في سياق الشوق إلى المكان والكيان. حين تتراكم الذكريات المميزة في سياق، تصبح عاديّة، ويصبح السياق مميزًا دون تميّز فحواه الكثير المتراكمة.. يصبح السياق المتميز مجموعة متراكمة لأحداث متميزة فقدت بريقها. فيصبح التمييز فارغًا من المضمون التفصيلي العيني؛ يصبح مضمون التراكم المتميز، مضمونا شاعريًا كوني... ويستمر ويستمر، إلى أن يصبح مضمونًا غيبي غير مفهوم، ثم يصبح مضمونًا ذاهب في مسارات عاطفية غير قابلة للسقوط في فخ اللغة.
ليس هذا موضوعنا، ليس هذا هو الموضوع...
الموضوع هو السؤال؛ ما الجدوى؟ وكيف نسأل "ما الجدوى؟" إن لم نسأل "ما الهدف؟"... ولكننا، سنقتصد الطريق المتاهة، ويمكننا أن نحدد في هذا السياق كل هدف يمكن تخيّله؛ الحب؟ الأمان؟ السعادة؟
لنفترض أن أحد هذه الاهداف هو الهدف الحقيقي الذي يبرر جدوى ما نفعل؛ أو أي هدف آخر تيردونه... ما المبرر؟
ما الذي يبرر الانصياع التام لنمط أخلاق واحد؟
ما الذي يبرر الأحلام المشتركة؟
ما الذي يبرر الحب في حال كان هدفًا للسعادة؟
وما الذي يبرر الحب إن كان هدفًا بحد ذاته؟
إنه السؤال؛ ما الذي يبرر الحب؟
ما الحُب؟
أن نبني أحلامنا، ونكتئب حين تسقُط امامنا؟ أليس كل شيءٍ في الحياة هكذا؟ ثم، لماذا تسقط؟ ألم يحن وقت السؤال؟ ليس بعد.
ما الحُب؟ ما هي تلك الحقيقة الغائمة التي تجعلنا حين نُسأل نقول أننا "نُحب"، تجعلنا نتأكد أننا في هذا المكان نريد أن نقضي ما تبقى من زمان.
ما الحُب؟ ما الكذبة التي تجعلنا نجلس ونقول أننا لا نريد آخرًا أو أخرى؟ أننا نكتفي بهذا القدر من الأحلام وهذا القدر من الحميمية وهذا القدر من الشخوص المتجلية أمامنا.
ما الحُب؟ ما الخنق الذي يجعلنا نعتق عن بالنا كل التجلّيات الممُكنة في الخلق؟
عذرًا.. سؤال.. ما الأجمل من الانسان؟ لا شيء. فهل يمكن لمطلق "الأجمل" أن يتجلى بفردٍ؟ لا، فاذن، هل يمكن للانسان ان يتجلى بشخص ما؟ لا. فهل يمكننا أن نجد الجمال في مكان واحد؟ كلّه؟ هل من الممكن أن تتجلى كافة الأبعاد الجمالية البشرية في كيانٍ واحد بسيط؟
أخشى الإجابة...
ما الحب إذًا؟
ما جدوى الحُب إذًا؟
ما الجدوى منّا إذًا؟..."
عن الدراما
في البداية توجّهت للرفيق علاء حليحل عشان يعلّمني بدورة الدراما والمسرح... علّمني كثير واستفدت كثير... وكل مرة وانا مروّح من الدورة بعكّا.. بخبط ع راسي وانا عم بسمع حوارات الناس بالتاكسي وبالشارع والدكانة وبقول لحالي: يلعن دين الشغلة.. هياها الدراما.. كيف مكنتش منتبه؟
عن الموقف السياسي والفلسفي
إسألوا الشيخ إمام.
عن المغرب العربي
الحلم لا زال يشتعل...
الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010
:(
شو أعمل.. كثير مرّات بكتب أشياء خرا، بايخة وسخيفة.. عشان هيك، مجبور يجي بعدها إشي الي يحفظ ماء الوجه..
ولأني واثق بان هاي الفشلات مش منهجية، بقدر أعلن من على هذا المنبش انه لازم أعمل اشي عشان أحسن صورتي أمام العالم... بس إيش.. إيش لازم أعمل
أكتب بوست حُب يلهلب العواطف... ؟
أتمسخر ع الزلام.. ؟
ممكن أكتب مقال تكسيح بالجبهة..؟
ممكن أنزل فصع بالإسلاميين... ؟
ممكن أتمسخر على هذول إلي بعطسوا بصوت واطي.. ؟
أو الي بعدهن بحكوا نكتة "سحبك ع الماسورة؟" ؟
او ع سلطان الطرش جورج وسوف؟
ممكن أحط ع الفيس بوك فيديو لـ"مشروع ليلى"..؟
ممكن أصير أسهر بـ"شاكوف".. أو بـ"أوغاندا".. أو بـ"ديوان" أو أصير صحاب مع سيّد قشوع..؟
ايش أعمل عشان مأكنش بنآدم بايخ؟
إيش أعمل عشان أصير إنسان نغش؟
شو أساوي؟
إحكولي شو أساوي؟
أتطوّع بمساواة؟ بتطوع.
أكتب ب"مثليون ونص" بإسمي الحقيقي؟ بكتب، ولكو بعمل شو بدكو بس قولولي كيف أكفر عن ذنوبي
ايش بدكو بعمل.. بطلع أحكي ع راديو الشمس ببرنامج مقبولة نصار اذا بتحبوا، والله بطلع
وبصير أحب الرقص التعبيري حتى لو معبّرليش عن إشي
بصير اقرا هاري بوتر بالإنجليزي بعرظ إمي !!!
ببيع الآيفون إلي معي؟ أبيعه؟
يلعن الله ايش اعمل؟ أصير أشرب كوكتيلات؟
ولكوا بنشر بمدونتي مقالات فؤاد سليمان بس سامحوني!!
بعمل مقابلة مع نادر أبو تامر وبنشرها بمجلة "بين الدوالي" الطلابية بس بشرفكوا خلص!!
بصير أوقّف مع "نساء بالسواد" كل يوم جمعة على دوار بن غوريون، منيح؟
بترك القدس وباجي بتعلم بالتخنيون!!! واذا بدكو لطلاب التخنيون جسم تمثيلي انا بشلح وخذوا جسمي جسم تمثيلي للطلاب العرب بالتخنيون بس من شان الله سامحوني..
مستعد أعمل كل اشي... مستعد ألبس أواعي عاديّة، جينس وبلوزة بيضا، وأمشط شعري عادي، وألبس بوت عادي.. وأمشي لمدة ساعة كاملة ببيتسالئيل!
بصير احضر مسلسلات..منيح؟
بسكر المدونة يا عمي، ببطل أشرب، بصير انزل ع الجامع وبطخطخ على مسيحية العراق بس مشولنا إياها هاي المرة
طيب بشرحلكوا مسرحية "بين حرب بين"... بنفع؟ بنفعش؟ أحسن.. انا كمان مفهمتهاش.
بشتغل بسيلكوم! هاي منيحة! أشتغل بسيلكوم وأفتح لهلشباب الطيبة الخط كل ما قطعولهن اياه!
ايش اعمل مش عارف ايش اعمل بحاليي.. كيف بدكوا اياني اكون عشان تسامحوني على اشي خرا كتبته؟ عشان أبطل بايخ؟ عشان تصيروا صحاب معي.. عشان تصيروا تحبوني.. عشان أصير نايس... ايش ايش ايش ايش... يلعن الرب العظيم إيييييششششش
-حبيبي، مالك متعصبن؟ بدي أسألك، برج البراجنة أكم طابق؟
-كس إمّك حبيبتي!
ولأني واثق بان هاي الفشلات مش منهجية، بقدر أعلن من على هذا المنبش انه لازم أعمل اشي عشان أحسن صورتي أمام العالم... بس إيش.. إيش لازم أعمل
أكتب بوست حُب يلهلب العواطف... ؟
أتمسخر ع الزلام.. ؟
ممكن أكتب مقال تكسيح بالجبهة..؟
ممكن أنزل فصع بالإسلاميين... ؟
ممكن أتمسخر على هذول إلي بعطسوا بصوت واطي.. ؟
أو الي بعدهن بحكوا نكتة "سحبك ع الماسورة؟" ؟
او ع سلطان الطرش جورج وسوف؟
ممكن أحط ع الفيس بوك فيديو لـ"مشروع ليلى"..؟
ممكن أصير أسهر بـ"شاكوف".. أو بـ"أوغاندا".. أو بـ"ديوان" أو أصير صحاب مع سيّد قشوع..؟
ايش أعمل عشان مأكنش بنآدم بايخ؟
إيش أعمل عشان أصير إنسان نغش؟
شو أساوي؟
إحكولي شو أساوي؟
أتطوّع بمساواة؟ بتطوع.
أكتب ب"مثليون ونص" بإسمي الحقيقي؟ بكتب، ولكو بعمل شو بدكو بس قولولي كيف أكفر عن ذنوبي
ايش بدكو بعمل.. بطلع أحكي ع راديو الشمس ببرنامج مقبولة نصار اذا بتحبوا، والله بطلع
وبصير أحب الرقص التعبيري حتى لو معبّرليش عن إشي
بصير اقرا هاري بوتر بالإنجليزي بعرظ إمي !!!
ببيع الآيفون إلي معي؟ أبيعه؟
يلعن الله ايش اعمل؟ أصير أشرب كوكتيلات؟
ولكوا بنشر بمدونتي مقالات فؤاد سليمان بس سامحوني!!
بعمل مقابلة مع نادر أبو تامر وبنشرها بمجلة "بين الدوالي" الطلابية بس بشرفكوا خلص!!
بصير أوقّف مع "نساء بالسواد" كل يوم جمعة على دوار بن غوريون، منيح؟
بترك القدس وباجي بتعلم بالتخنيون!!! واذا بدكو لطلاب التخنيون جسم تمثيلي انا بشلح وخذوا جسمي جسم تمثيلي للطلاب العرب بالتخنيون بس من شان الله سامحوني..
مستعد أعمل كل اشي... مستعد ألبس أواعي عاديّة، جينس وبلوزة بيضا، وأمشط شعري عادي، وألبس بوت عادي.. وأمشي لمدة ساعة كاملة ببيتسالئيل!
بصير احضر مسلسلات..منيح؟
بسكر المدونة يا عمي، ببطل أشرب، بصير انزل ع الجامع وبطخطخ على مسيحية العراق بس مشولنا إياها هاي المرة
طيب بشرحلكوا مسرحية "بين حرب بين"... بنفع؟ بنفعش؟ أحسن.. انا كمان مفهمتهاش.
بشتغل بسيلكوم! هاي منيحة! أشتغل بسيلكوم وأفتح لهلشباب الطيبة الخط كل ما قطعولهن اياه!
ايش اعمل مش عارف ايش اعمل بحاليي.. كيف بدكوا اياني اكون عشان تسامحوني على اشي خرا كتبته؟ عشان أبطل بايخ؟ عشان تصيروا صحاب معي.. عشان تصيروا تحبوني.. عشان أصير نايس... ايش ايش ايش ايش... يلعن الرب العظيم إيييييششششش
-حبيبي، مالك متعصبن؟ بدي أسألك، برج البراجنة أكم طابق؟
-كس إمّك حبيبتي!
الخميس، 2 ديسمبر 2010
الأربعاء، 1 ديسمبر 2010
ملاحظات حول مسيرة التضامن مع "مسيحيي العراق"
باركتنا الكنائس الحيفاوية قبل أسبوع بمسيرة شموع وصلاة تضامنًا مع "مسيحيي العراق" بعد الهجوم الإرهابي على كنيسة "سيدة النجاة" الذي راح ضحيّته عشرات الشهداء. وعن ما تحمله المسيرة من مضمون طائفي، كل ما سيقال غير كاف، إلا أن موقفًا يجب أن يُسجل في هذا الشأن.. فإن لم يكن التغيير، نكتفي بالاكتمال مع الذات.
لا حاجة للتعمق في المفهوم ضمنًا في هذا السياق؛ منذ بداية الغزو الأمريكي للعراق، يُقتل العشرات والمئات يوميًا. فقد توقّف العراق عن عد شهدائه الذين يقدرون بمئات الآلاف. فلا حاجة، إذن، للتعمق في توضيح الادعاء بأن الفعل السياسي الذي يتجاهل مئات آلاف الشهداء وينظر إلى عشرات الشهداء فقط بسبب هويتهم الدينية، لا يترك مجالا للشك في أن خلفية هذا التحرك السياسي هي خلفية طائفية.
ولئلا نُفهم بشكلٍ خاطئ فمشكلتنا ليست في أن نحتج على استشهاد "عدد قليل"، بالعكس، من الواجب أن نحتج على استشهاد كل شخص باسمه وعينه يُقتل في العراق، ليس الموضوع موضوع عدد، إنما موضوع اقتصار الاحتجاج على قتل من ينتمي إلى هوية طائفية معينة.
أمور أكثر تفصيًلا ومفصلية تستدعي التوقف عندها، وبالتالي تستدعي قدرًا أكبر من الوضوح والصراحة.
أولًا، في الخطابات التي ألقيت في المسيرة لم يكن أي ذكر لاحتلال العراق. فيكتفي هذا المطران بتسميتها "الحرب الغريبة في العراق التي انتهت باضطهاد واضح ضد المسيحيين" ويتحدث ذلك المطران عن "المذبحة التي تُرتكب منذ سنوات بحق المسيحيين..." كأن الاحتلال ليس قائمًا في العراق.. كأن الأمريكي لم يدخل العراق يومًا وكأن هذه المذابح والجرائم التي ترتكب منذ الـ2003 لم تبدأ عند أول قصفٍ أمريكي على العراق.
ويقتبس "أبونا" من إنجيل يوحنا: "سيُخرجونكم من المجامع بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله." إذًا، فالحرب بين من "يظنون أنهم في خدمة الله" ومن "يخدمون الله فعلًا"... حرب عقائد؟ لا مخطط لتفكيك العراق؟ لا مخطط لتحطيم عروبة العراق وتكوينه كأمّة؟ ليست حربًا مفتعلة لتحويل العراق إلى مجموعة طوائف وعشائر متفرقة لها أول دون آخر؟ هكذا ببساطة تعرف الكنيسة المشروع الأمريكي في العراق؟
لا يمكن إقناعنا بأن المطارنة ورجال الدين في حيفا لم يسمعوا عن الغزو الأمريكي، إذن فعلينا أن نبحث عن الأسباب الأخرى التي تقف وراء تصرفاتهم وتصريحاتهم... أهو الخوف؟ أم المصالح المادية؟ أم الحاجة الدائمة لتأجيج الطائفية الذي يعتاش عليه معظم رجال الدين من كل الدينات؟
المخطط الأمريكي في العراق واضح كعين الشمس، وأهدافه أوضح... ومن لا يراها توفّر له الكنيسة نموذجًا مصغرًا عنها؛ مسيرة الشموع هذه ليست إلا تكريسًا صغيرًا للمشروع الغربي في العراق، ليست إلا تكريسًا للغة الطائفية وخطابها، وتكريسًا لتقسيم الشعب العربي العراقي، وعزل مجموعة دينية عن بيئتها الطبيعية في المجتمع العراقي المتكامل، وأن يولى الانتماء الديني على الانتماء الوطني والقومي. وبالرغم من كون المسيرة "نموذجًا صغيرًا"، إلا أن رسالتها تبدو كبيرة على أهالي مدينتنا الصغيرة.
ثانيًا، من حقنا، بما أننا نتحدث بلغة طرح قومي ووطني، أن نتساءل كيف يمكن لممثلين عن حزب التجمع الوطني، قوميين علمانيين – بحسب برنامج حزبهم- أن يسيروا في مقدمة مسيرة مثل هذه المسيرة الطائفية؟
وكيف يمكن لقيادات "الحزب الشيوعي الإسرائيلي العريق" أن ترمي بكل ما تعرفه عن الشيوعية والعلمانية، وأن يرمي "البُلشفي" معتقداته ويبعثر التاريخ ويمشي في مقدمة مسيرة طائفية ذات هوية طائفية؟ خاصةً وأن الحزب الشيوعي معروف بأنه لا يشارك في أي مناسبة إن لم يكن من المنظمين ولم يشارك في "تحديد الشعارات" والساعة والمكان، ولطالما أفشل فعاليات سياسية لهذا السبب.
عذرًا.. عذرًا على الخطأ.. لم تمش القيادات المحلية للجبهة والتجمع في مقدمة المسيرة.. مشوا في الصف الثاني.. خلف رجال الدين. سحقًا لتعاليم العلمانية إن أتت من قيادات تهرول خلف برنس المطران وعمامة الشيخ!
حضور " الشيخ" في مقدمة المسيرة ليس إلا تكملة للصورة، زيادة إكسسوارات، ولولا معرفة منظمي الكنيسة وإحساسهم بطائفية ما ينظمون، لما احتاجوا إلى إبراز الشيخ في مقدمة المسيرة والعناوين والخطابات، فمثلما قال زياد الرحباني: "ما دام كلكم أخوة، شو في لزوم تضلكوا تقولوها؟".. هذا "اللزوم" بأن نقول دائمًا أننا لسنا طائفيين، يدل على الكثير. وإن كان التسامح والتعايش والمحبة فعلًا كما تدعي الصورة والخطاب، فلماذا لم يأت الشيخ مع مئات المصلين الذين يهبّون سنويًا لمهرجان "الأقصى في خطر"؟
ولكن هذا الشيخ أتى وشارك، لماذا؟ من المنطلقات ذاتها... لأن "التسامح بين الديانات" يبقي على مفهوم وجود صراع بينهم، فمن لا يتصارع ليس بحاجة لتسامح، ولأن هذا الشيخ، مثله مثل أغلبية رجال الدين المسلمين والمسيحيين والدروز وغيرهم، الذين يعيشون على تأجيج الطائفية لحشد أبناء الطائفة وإعادتهم إلى الحلقات الدينية المتحجرة، فإن لم يحشدهم ولم يعودوا إلى المسجد أو إلى الكنيسة، سيفقد مكانته بالضرورة.
رابعًا، أسمع حديثًا وتبريرًا من بعض الأخوة للمسيرة، وفي سياقه يدور الحديث عن "مشروع تهجير المسيحيين من الشرق الأوسط"... أستغرب ظهور هذا المشروع فجأة بعد الهجوم على "كنيسة السيدة". أين كان يختبئ هذا المشروع قبل الاحتلال الأمريكي للعراق؟
يقول أحد المتحدثين في المسيرة عن القديس بولس أنه "إن مرض عضو في الجسم، يمرض الجسم كله." وإن كانت المسيرة ردًا على "مشروع لتهجير المسيحيين من الشرق"، فمن المفترض أن ينتمي من نظم المسيرة إلى الشرق ويلتصق به ويكون جزءًا منه، جزءًا من هذا الجسم... لنسأل، أين كانت هذه الغيرة والتمسك بالشرق حين مرض عضو في الجسم، حين مرض العراق، ومرض جنوب لبنان، ومرضت غزة، لماذا لم يتألم الجسم ولم تخرج الكنيسة للتظاهر؟ ولا نريدها أن تخرج، لا في مجزرة غزة ولا مجزرة "كنيسة السيدة"، فوظيفة الكنيسة الإيمان وليس السياسة.
الخلاصة؛ فشلنا مرة أخرى في امتحان العلمانية. والفشل لا يقتصر على تسييس الدين، إنما لأن الكنيسة أصبحت فاعلًا سياسيًا تسير وراءه "جحافل" العلمانيين، وسقط مجتمعنا بين أشكال مختلفة لإثارة الغثيان؛ بين طائفية أجمل او طائفية أقبح، ولكن الطائفية هي ذاتها: أن يصبح الإيمان الديني مؤسسة اجتماعية سياسية تجعل من أبناء الشعب الواحد "آخر وأخرى" وتنظمنا وتوحدنا على الأسس الدينية الغيبية المتحجرة بدلًا من أن تنظمنا وتوحدنا على الأسس الحديثة المتنورة. فما علينا إلا أن نعيد الأقنعة ونمثل دور "التعايش" والـ"فش طائفية" الاقنعة التي سرعان ما تسقط في المواقف الحرجة.
(حيفا)
الأحد، 28 نوفمبر 2010
الأربعاء، 24 نوفمبر 2010
على الاطلاق...
على الاطلاق، انه الصباح الأجمل على الاطلاق. ان تستيقظ باكرًا يقظًا بعد نومٍ تشتاقه منذ ايام. أن تجلس على محطة الباص وانت تردد في ذهنك: "كم أكره أن أتكلم الآن. سأفعل كل شيء الا ان انطق بحرف".. إنه التخدير الصباحي في الفم، ذلك التخدير اللامبالي بصخب المدينة التي أحب، او برغبة النساء بالحديث الصباحي، او برغبة الجميلات المراوغة بالابتسام عند محطة الباص.
على الاطلاق، انه الصباح الأجمل على الاطلاق. ان تحشو سماعات مشغل الموسيقى الديجيتالي التعيس وتشغل الأغنية بارتفاع صوت مجنون ليسمع من حولك اشلاء الاغنية ويموتون قهرا بمحاولة تمييزها.. إنه صوت الشيخ امام، ذلك التخدير اللذيذ الذي لا يبالي بقدرتنا الخارقة الخرقة بالكذب أو بالواقع الوهمي.
على الاطلاق، انه الصباح الاجمل على الاطلاق. ان تسمع الشيخ إمام يسخر ويزمجر ويحن ويعلو ويهدأ ويبكي ويسحر ويعدو ويذوب في الاغنية، 'ولا يتوب' فتشتد فيك الابتسامة. تمر الحافلة الثالثة قتتجاهلها بابتسامة لن اترك هذا الصباح ينتهي سريعًا.. فتلهث وراء الأغنية ذات الإيقاع البطيء.
على الاطلاق، انه الصباح الاجمل على الاطلاق. ان تصل الحافلة الرابعة فور انتهاء الاغنية فتصعد اليها دون ان تكون متأكدا من انها منطلقة نحو وجهتك. تنزع السماعة امام السائق الاثيوبي كأنها تحجب عنك الكلام وتقول له بذات الابتسامة الماكرة المنتشية: صباح الخير.
على الاطلاق، انه الصباح الاجمل على الاطلاق. ان تجلس في حافلة تقتظ بالعشرات وتكتب هذه التدوينة دون ان تكون متأكدا من ان احدا سيقرأها، غير اصدقاءك اللذين تحب.
الأربعاء.
مجد.
الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010
زيارة إلى ضريح جمال عبد الناصر
أصدق رثاء قرأته على الاطلاق...
السكه مفروشه
تيجان الفل والنرجس
والقبه صهوة فرس
عليها الخضر بيبرجس
والمشربيه عرايس
بتبكي
والبكا مشروع
من ذا إللي نايم وساكت
والسكات مسموع
سيدنا الحسين ؟
ولا صلاح الدين ؟
ولا النبي ؟
ولا الإمام ؟
دستور ياحراس المقام
ولا الكلام بالشكل ذا ممنوع ؟ !
على العموم
أنا مش ضليع
في علوم الانضباط
أبويا كان مسلم صحيح
وكان غبي
وكان يصلي ع النبي
عند الغضب
والإنبساط !
أبويا كان
فلاح تعيس
فى ليله ظلمه
خلفوه
وف خرقه سودا
لفلفوه
وف عيشة غبرا
طلعوه
وف عشه ما يله
سكنوه
ولصموه
وطلسموه
ودجنوه
وجهزوه
وجوزوه على عماه
فكان محير في هواه
ما بين أمي وما بين الجاموسة
وكان يخاف
يقتل ناموسه
وكان خجول
خجول
خجول
لكنه كان دايما يقول
أستغفر الله العظيم
من باب الاحتياط !
أبويا طلعتوه حمار
فكان طبيعي
يجيبني جحش
لا أعرف نبي
من أجنبي
ولا مين ما جاش
ولا فين ما راحش
موسى نبي
عيسى نبي
محمد كان نبي
وكل وقت وله أذان
وكل عصر وله نبي
وإحنا نبينا كده
من ضلعنا نابت
لا من سماهم وقع
ولا من مرا شابت
ولا انخسف له القمر
ولا النجوم غابت
أبوه
صعيدي وفهم
قام طلعه ضابط
ضبط
على قدنا
وع المزاج زابط
فاجومي من جنسنا
مالوش مرا سابت
فلاح
قليل الحيا
إذا الكلاب عابت
ولا يطاطيش للعدا
مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزه
وحاجات كتير خابت
وعاش ومات وسطنا
على طبعنا ثابت
وإن كان جرح قلبنا
كل الجراح طابت
ولا يطولوه العدا
مهما الأمور جابت
أحمد فؤاد نجم
السكه مفروشه
تيجان الفل والنرجس
والقبه صهوة فرس
عليها الخضر بيبرجس
والمشربيه عرايس
بتبكي
والبكا مشروع
من ذا إللي نايم وساكت
والسكات مسموع
سيدنا الحسين ؟
ولا صلاح الدين ؟
ولا النبي ؟
ولا الإمام ؟
دستور ياحراس المقام
ولا الكلام بالشكل ذا ممنوع ؟ !
على العموم
أنا مش ضليع
في علوم الانضباط
أبويا كان مسلم صحيح
وكان غبي
وكان يصلي ع النبي
عند الغضب
والإنبساط !
أبويا كان
فلاح تعيس
فى ليله ظلمه
خلفوه
وف خرقه سودا
لفلفوه
وف عيشة غبرا
طلعوه
وف عشه ما يله
سكنوه
ولصموه
وطلسموه
ودجنوه
وجهزوه
وجوزوه على عماه
فكان محير في هواه
ما بين أمي وما بين الجاموسة
وكان يخاف
يقتل ناموسه
وكان خجول
خجول
خجول
لكنه كان دايما يقول
أستغفر الله العظيم
من باب الاحتياط !
أبويا طلعتوه حمار
فكان طبيعي
يجيبني جحش
لا أعرف نبي
من أجنبي
ولا مين ما جاش
ولا فين ما راحش
موسى نبي
عيسى نبي
محمد كان نبي
وكل وقت وله أذان
وكل عصر وله نبي
وإحنا نبينا كده
من ضلعنا نابت
لا من سماهم وقع
ولا من مرا شابت
ولا انخسف له القمر
ولا النجوم غابت
أبوه
صعيدي وفهم
قام طلعه ضابط
ضبط
على قدنا
وع المزاج زابط
فاجومي من جنسنا
مالوش مرا سابت
فلاح
قليل الحيا
إذا الكلاب عابت
ولا يطاطيش للعدا
مهما السهام صابت
عمل حاجات معجزه
وحاجات كتير خابت
وعاش ومات وسطنا
على طبعنا ثابت
وإن كان جرح قلبنا
كل الجراح طابت
ولا يطولوه العدا
مهما الأمور جابت
أحمد فؤاد نجم
الاثنين، 22 نوفمبر 2010
قوانين الولاء.. هل من جديد؟
"فقد مأسست السلطة النازية عنصريتها وشرعتها عبر قوانين تنظيم الجريمة. ونعرف جميعنا القوانين الأساسية التي وُضعت بهذا الصدد، "قوانين نرنبرغ". في العام 1935.
وخلال مراجعة بسيطة لبعض المواقع اليهودية الأمريكية والأوروبية التي تعرض القوانين لتعرض هول الكارثة. وجدنا أشياءً تستحق التوقف عندها، ربما حاولنا تصور حجم فظاعة الكارثة التي حلت باليهود.
في تاريخ 15 أيلول، 1935، سُن قانون مواطنة دولة الرايخ. ونقتبس: "مواطن الرايخ هو ألماني الدم، أو ذات صلة بالدم الألماني،في حال أبدى الاستعداد وكان مناسباً لخدمة الشعب الألماني والرايخ بثقة وولاء."
واشترطت مواطنة غير الألمان في ألمانيا، بالولاء للرايخ، وسلطته. أي تُسحب مواطنة من يخرق الولاء الألماني. أي تسحب مواطنة من يرفض الولاء والمشاركة في كارثة إخوته.
تسحب مواطنة من يرفض الولاء للدولة ليتضامن مع إخوته الذين تحل بهم الكارثة."
22.10.2007
الجمعة، 19 نوفمبر 2010
المعايدة ١
بكل عيد اسلامي بتصل فيك صاحبك المسيحي يعايد عليك، كأنك بتحس المعايدة فيها رسالة واحدة؛ "احنا مزبوط منسكر مع بعض.. مزبوط احنا صحاب ومزبوط انك انت صبابا ومش شايف الله من متر وأهلي بحبوك بس، بلا مآخذة، تنساش انك، كمان بلا مآخذة، بتضلك، كمان بلا مآخذة، مسلم... وتفكرش تصاحب بنت خالي.
*ملاحظة؛ بعد هذا البوست، مش بحاجة احط كمان بوست ثاني موازن عشان ابين مش طائفي.
التوقيع حيدر حيدر
الأربعاء، 17 نوفمبر 2010
الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010
جيت تحبك قمت نسيت..
- بترجاكي، بدي تعتبري كل اشي صار بهذيك الليلة كأنه مكانش.
- مش فاهمه، عن اي اشي قصدك؟
- يسعد الله منغشك شو بتفهميني ع الطاير
- عن جد مش فاهمة حبيبي
- خلص لكان ممتاز هيك
- بس انا بجد مش عارفة عن شو قصدك
- اوكي معناها انسي خلص
- طيب نسيت
- ممتاز
- ماشي
- شو؟ ولا اشي شو
-...
-...
- عنجد نسيتي
- مش فاهمة عن شو قصدك، اه ناسية، بفرقش
- عنجد ؟
- اه عنجد، شو
- كيف بتقدري تنسي هيك ليلة؟
- ليش مأنساش؟
- هيك ليلة! كل الي صار!
- مأنت مش قابل تقلي شو الي صار
- يعني عن جد مش عارفة شو اللي صار؟ بتستحيش؟
- مانت اسا كنت عم تطلب مني انسى
- بتعرفي شو، جد إنسي
فضِّل ع ربِّكَ وانحَر!
سييينس إنه الدنيا عيد... مجبور يكونلنا موقف.. وبما انه ملحقناش اننزل البيان ع المطبعة، نكتفي بهذا البوست. خلال الاسبوعين السابقات قرقعت الأصدقاء القريبين وانا أكرر نفس الكلمة: "حيدر حيدر"... الأصدقاء الأقرب بعثتلهم الفيديو...
الفيديو للرفاق الشيعة بلطمية من أجمد لطميات، الي بالأساس كلماتها من سورة الكوثر:
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
ع راسي يا مان
المهم، بما انه عيد الاضحى فتذكرنا النحر، يعني الذبح، وتذكرنا السورة بما انه فيها "صل لربك وانحرررر"...
قبل مأحط الفيديو مجبور أقول إشي عن الفيديو: إيش هاي الطاقة؟ إيش هاي الإكستازا؟ إيش هَ المزاج العالي؟ إيش هالراس النظيف؟ إيش هلنغاشة؟ إيش هالحركة؟
عشان يكون واضح وتفهموا الصورة... هذا الفيديو مصوّر بهولندا... مسجد شيعي بهولندا... وعشان تكون الامور أوضح، بتعرفوا كمان بهولندا، وكمان بالإسلام.. الحشيش مش ممنوع.. واضح قصدي؟
ومنقول سوا نسمع كف حامي حامي للعريس للعروسة خلينا نشوف صحاب العريس اهل العريس معنا بالساحة الجميع لصحاب الحبايب القرايب اخوة العروس وينكو يا عمي سمعونا الكف نستقبل العرسان ونقول سوااا : "إن أعطيناك الكوثر حيدر حيدر حيدر حيدرررررررر!"
الفيديو للرفاق الشيعة بلطمية من أجمد لطميات، الي بالأساس كلماتها من سورة الكوثر:
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)
ع راسي يا مان
المهم، بما انه عيد الاضحى فتذكرنا النحر، يعني الذبح، وتذكرنا السورة بما انه فيها "صل لربك وانحرررر"...
قبل مأحط الفيديو مجبور أقول إشي عن الفيديو: إيش هاي الطاقة؟ إيش هاي الإكستازا؟ إيش هَ المزاج العالي؟ إيش هالراس النظيف؟ إيش هلنغاشة؟ إيش هالحركة؟
عشان يكون واضح وتفهموا الصورة... هذا الفيديو مصوّر بهولندا... مسجد شيعي بهولندا... وعشان تكون الامور أوضح، بتعرفوا كمان بهولندا، وكمان بالإسلام.. الحشيش مش ممنوع.. واضح قصدي؟
ومنقول سوا نسمع كف حامي حامي للعريس للعروسة خلينا نشوف صحاب العريس اهل العريس معنا بالساحة الجميع لصحاب الحبايب القرايب اخوة العروس وينكو يا عمي سمعونا الكف نستقبل العرسان ونقول سوااا : "إن أعطيناك الكوثر حيدر حيدر حيدر حيدرررررررر!"
ملاحظة: أعدكم بوقفة أكثر جدية في موضوع "حيدر حيدر حيدر حيدر" والجزء الثاني من "حيدر حيدر"، أعدكم بالمزيد من التحليلات الأكثر عمقًا بما اني صارلي اسبوعين مش عم بفكر بإشي غير حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر
انتظروا أعزائي رواد المدوّنة (إذا بعد في حدا بقرأ المدونة بليز يعطيني إشارة حياة):
في البوستات القادمة:
* حيدر حيدر بصوت كارلا بروني
* تأملات حيدرية في العلاقات الشيعية-فلسطينية
* الكريزا الأيديولوجية، بين "حيدر حيدر" و "ليش ليش نسكت ليش عاللي بتجند بالجيش"
* الحشيش الإيراني، جذور وتداعيات
* تحليل اجتماعي-اقتصادي لكروش المشاركين في فيديو "حيدر حيدر"
* نقد الحقد الشيعي؛ نحو توحيد المسجد. (هاي يعني زي توحيد الكنيسة)
* نقد أدبي لقصيدة "حيدر حيدر"
* جذور المسرحية العربي: حيدر حيدر Vs. أدونيس (إهداء إلى علاء حليحل)
* "حيدر حيدر" الجزء الثاني
* مقالات رأي
*رسائل قرائنا
* ملحق لطميات خاص
وإستمناءات فكرية أخرى.... تابعونا
الاثنين، 15 نوفمبر 2010
ينزف على الأرغول، دَم الصِبا سلسال
هاي الظهارة، هذا البؤس، هذا الصدق، هذا الحب، هذا الأمل المجبول بالتعاسة الساذجة، هذا الدفء الصادق، الرفاقية الحقيقية، الإبتسامة... إنه، مرة أخرى، شبح الشيخ إمام الذي يدغدغ الأحلام بي.. فأنتشي حزنًا على زمنٍ احتفظت فيه البطولة على قيمتها، والكلمة على قيمتها، ووزنها النوعي المقدر بالموت.
"الأولة آه؛
والغدر وقتٍ حكم
صبح الأمان بقشيش
والثانية آه؛
والنذل لما احتكم
يقدر ولا يعفيش
والثالثة آه؛
والحر مهما اتحكم
للنذل، ميوطّيش
الأولة غربتي
والثانية بلوتي
والثالثة قسمتي
....
"الأولة آه؛
والغدر وقتٍ حكم
صبح الأمان بقشيش
والثانية آه؛
والنذل لما احتكم
يقدر ولا يعفيش
والثالثة آه؛
والحر مهما اتحكم
للنذل، ميوطّيش
الأولة غربتي
والثانية بلوتي
والثالثة قسمتي
....
Irrelevant
هو: لا بتعرفي ترقصي فالس، ولا تقشّري مندلينا... وبالآخر بتحطي الحق عليّ؟
أنا شو دخلني؟ انا ليش تأتحمل مسؤولية افعالي مَ دامني مش أنا سببها
مَ لو واحدة غيرك مكنتش عملت معها هيك، ولا لا؟
شو خصني أنا إذا انتي نغشة؟
هي: أساسًا بحبش المندلينا.
الأربعاء، 27 أكتوبر 2010
ملاحظات غير ميثافيزيقية
بسم الله الرحمن الرحيم
"وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ"
صدق الله العظيم
لقد تم بعون الله ونصره الإستيلاء على المدونة لمسها بديننا الإسلامي الحنيف والرسول الأعظم الأكرم عليه صلاة الله وسلامه، لنعلم الكفرة والملحدين العلمانيين ودعاة الفسق والهلاك والخلاعة والــ... خلص هذول الي بعرفهن .. خلص منيكة.. بمزح.. المهم... اشتقت اكتب ملاحظات... زمان ها؟
1. واحد أحد، اليوم دخلت إلى أول حصة في مادة جامعية، بالعربية اسمها "إشكاليات مركزية في إرادة الله الحرة" طبعًا كالعادة، حصة بمعظمها نقاش أكاديمي.. ما الذي قاله الرفيق شبينوزا.. وشو صرّح الأخ لايفنيتش.. وشو راي اوغوسطينوس وشو بقول كلارك.. كل الجماعة يعني.. وكلهم طبعًا ماسكين شَل الله من جميع الإتجاهات، وكل واحد يتكتكك فيه كيف بده، ويلعب فيه (بالله يعني) وينظّر عليه.. وأخونا من جمعية "إقرأ" الإسلامية قاعد بالحصة ومش عارف الله وين حاطّه... ومحسوبكم طبعًا مقموع بالمجتمع.. وبقدرش بقعدة أرجيلة بالسكن الطلابي أحكي للأخ عن راي شبينوزا بالله.. وبالأحرى بقدر.. بس مش راح يضل حدا إلا يضحك علي، يفصعني، يكفّرني، وبأسوأ الأحوال يتركوني ويروح لأني بحكي حكي فاضي... بس وين عمّي؟ هلا هلا.. اسا اللعبة بأرضي خيّا... اسا لما بدي انزل بالله، هون بالحصة، الكل بزقفلي.. واذا تمسخرت الكل بضحكلي.. واذا حكيت ع الاسلام والمسيحية واليهودية وانهن حكي فاضي الكل رح ينبسط.. والأخ الإسلامي تاع "إقرأ" إذا حكى مفروض الكل ينزل فيه ويوقف ضده.. ويسعد الله وصل الدعم يسعد الله وصل الدعم.. وكيّفنااااا والجبهة الجبهة الجبهة ...
وفجأة... بتتذكر انك بالجامعة العبرية... انك بالقدس المحتلة... انك قاعد بين 30 واحد اقل واحد فيهن كان ضابط بشي كتيبة بالضفة.. يا باطل... أنا أنزل بواحد عربي قدام ولاد الشرموطة الطلاب اليهود؟... يا حيف عالزلام... بـــاطـــــل... حبايب قلبنا جمعية إقرأ... وطلع البدر علينا.. من ثنياااات الودااااااااااع... وجب الشكر علينااااا ما دعى لله دااااااااع... دااااااع...داااااااااااع عنك لومي فإن اللوم إغراء!
2. الطيور إشي كثير أصولي، ورجعي، ومتخلف، ومتمسك بالعادات... أكثر من الإخوان المسلمين فرع أشكلون. عنجد عم بحكي. شو السيرة؟ واذا يعني حسب تراث الطيور على أشكالها: حمام، عصافير، نوارس، نقار الخشب.. إلى آخره.. أو حسب تراث الطيور على أشكالها: تقع... أو حسب تراث الطيور بشكل عام.. لازم يهاجروا بالشتا... بس بلييييز... بليييييز... إيش مالكو؟ أي شتا؟ فش شتا! يا أغبيا! هاجروا بالصيف! بالصيف الحم بقتل! درجة الحرارة 50 وكل سنة عم بتزيد... يلعن دينكو ليش بتهاجروا بالشتا؟
-خيا الصيف عطل ورحلات وقيم وحط... كل الطيران بصير أغلى.
3. وجدت الإثبات القاطع على مقولة "كل شي زاد عن حدّه، نقص"... تخيّلوا أعزائي، لثانية واحدة، لو أن بدل التفاحة، سقطت على نيوتن، كل شجرة التفاح.
4. أنا وإنتِ، حبيبتي، هيك... وعشان هيك... خليكي حدي.. وتخلينيش ولا مرة أزيح عنّك، خليني دايما حدّك... لأنه حبيبتي.. كلشي زاح عن حدّه نقص.
5. في المرة القادمة التي تسمع فيها عربي يغني في مظاهرة "لا العلم الأحمر لاح، لاح، لاح..." اعرف أنه يقصد علم تركيا.
6. وقال شو، نازلة من باص إيغيد، وطالعة من كراج باب العامود على رام الله بباص شوفيره الحج ابو النمر وبتناول الشوفير، بدل المصاري... كرتيس همشيخ!..الله قالها هاي؟
7.وأعدّوا لهم ما استطعتم من قهوةٍ !
8. تساؤلات آرام المصيرية: "بابا..انت صلّعت لما كان هون فلسطين ولا بعدين؟"
9. ويهتف الشاب الواعد: جورج حبش قالها!
وترد جماهير شعبنا: جورج حبش قالهاا!
ويكمل الشاب الواعد: ثورة؛ واحنا رجالها!
وترد جماهير شعبنا: ثورة؛ واحنا مالنا؟
10. -اسا.. جاوبني واحده واحده...
-قول
-انت موافق على المثل "اتقي شر من أحسنت إليه"؟
-أصدق مثل...
- وانت بتقدر تنكر انك تتقي الله؟
-أعوذ بالله...
-شفت، قلتلك، هذا الألله تاعك.. هو نفسه.. شر من أحسنت إليه.
11. الوحدة: أن نقف وحدنا أمام المرآة، ان ننتزع بقوة، بعنف وبحنق منظومة الوعي المدافع التلقائي عن ذاتنا الضعيفة، الوحدة أن نقف عراة أمام أنفسنا ونصرخ بصوت عالٍ: أنت أخطأت. الوحدة، أن ننام عراة في الفراش ونتأمل أخطر التجارب. (...) الوحدة: أن ننفصل عن الأشياء في ما حولنا ونقع، نسقط، ننهار... في واقعٍ واحد: واقع الأنا الحاسمة.
مما اقتضى التسفيه
-حبيبي... بس كيف سارتر فرنسي؟ كيف فرنسي ممكن يصير رئيس أميركا؟
-كمان دور؟ كارتر حبيبتي.. كارتر هذاك.
الأربعاء، 20 أكتوبر 2010
ترتيلة حبٍ دافئة للأحلام الوردية والأطفال بالثياب البيض
الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010
عجبت لمن لا يجد قوت يومه ويجلس في الكافيتيريا يتفرج ع العزارة
نُظمت في الجامعة يوم أمس مظاهرة طلابية في الحرم الجامعي احتجاجًا على إستغلال عمال النظافة في الحرم الجامعي والسكن الجامعي وسلب حقوقهم.. عمال النظافة طبعًا كلهم عرب من أبناء القدس.. وبغض النظر عن التفاصيل، نُظمت المظاهرة بالتعاون بين نقابة الطلاب في الجامعة، الجبهة وكامبوس لكولانو، وخلية "أوفك" الطلابية التابعة لحزب العمل... هوبـّــا... مناسبة سعيدة أخرى تضع الجبهة يدها بيد تنظيمات صهيونية؟ مناسبة سعيدة أخرى نرى الجبهة فيها الجبهة تدافع عن العمال العرب أبناء القدس يدًا بيد من خلية طلابية "بمبادئ وقيم حزب العمل" (كما هو شعارهم) أي تتبنى قيم حزب هو ذاته الذي يضع على سلم أولوياته خنق القدس وتهويدها وضربها اقتصاديا واجتماعيا وتربويًا؟! مناسبة سعيدة أخرى تظهر فيها الجبهة على حقيقتها؟ لا حاجة... لم نعد نوجه اللوم، كما قلنا سابقًا، على الجبهة.. ولا على "الأبرياء الذين لا يفهمون الأخطاء في الجبهة"... لا.. لا نلوم الجبهة.. لأنها فعلت ما تنادي به وما تعتقده، وفعلت ما ينسجم مع مبادئها..
من نهاجم إذًا؟
هل تلقيتم ملصق "هنا يسكن" من حركة "الرسالة"و "إقرأ" الإسلامية؟ هل تلقيتم برنامج اسبوعي بصورة عبد الناصر من "التجمع الطلابي"؟ هل استمتعتم في "يوم التراث" الذي تنظمه حركة "وطن"؟ هل تذكرون شيئا ما يسمى "أبناء البلد"؟
لحظة... لنعيد الأسئلة من جديد:
هل تذكرون حركة ذات قيم إسلامية تنادي بالعدالة والحق وتسري حسب مبادئ "ديننا" الإسلامي الحنيف وسنّة الرسول وصحبه الذين قال احدهم "عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج للناس شاهرًا سيفه (أبي ذر الغفاري)"؟ هل تذكرون التجمع الطلابي
الذي في برنامج حزبه السياسي (في قسم "المجال الإجتماعي" 1.ج) "العمل على تطبيق قوانين العمل وحقوق العمال والموظفين: في ساعات العمل، دفع أجر الحد الأدنى المعمول فيه وضمان الحقوق الاجتماعية"؟ وهل تذكرون حركة وطن التي تعرف نفسها على أنها حركة للطلاب المقدسيين في الجامعة العبرية؟ نذكركم.. مقدسيين.. مقدسيين؟ أي أن الطلاب أعضاء هذه الحركة قد يكونوا أبناء عمال النظافة في الجامعة؟ .. وهل تذكرون أبناء البلد؟ أبناء اليسار المغوار والماركسيين الأشاوس حملة الشعلة الكفاحية الماركسية اللينينية.. الكلاشينكوف بيد وكتاب "نظام العمل المأجور" بيد!؟ ... أو تع نقول.. بشكل عام.. ذاكرين اشي اسمه "ابناء البلد"؟
من المخزي، من المشين، من العيب، من المخجل أن ترى قيادات الخلايا الطلابية (ولا نقول الحركة الطلابية عمدًا) المثقفين.. القيادات المستقبلية.. الطليعة.. القادة الشباب.. الغضب الساطع الآتي عمّو مشاهد احتجاج حزب العمل الصهيوني على سلب حقوق العمال العرب دون أن تبصق على نفسها في المرآة... الأ تخجلون من أنفسكم حين يهب صهاينة حزب العمل ليدافعوا عن حق ام أنيس وأبو فريد في قوت يومهم وإعالة اولادهم.. وربما تعليم ابناءهم في الجامعات؟ أوكي... عرفنا.. سمعنا.. شفنا.. الجبهة ماشية مع حزب العمل.. أوكي.. وات نيكست؟
للملاحظة، أنا كثير كان جاي عبالي أحكي هاي الملاحظات للأخوة في الخلايا الطلابية.. للاخوة والاصدقاء في التجمع وشباب ابناء البلد والزملاء في حركة وطن والآخرين في الحركات الإسلامية.. كثير حابب اقعد واصارحهن بالموضوع... بس ببساطة... مش ملاقيهن بالجامعة...
وملاحظة لكل الناس الي بفكروا انه دور الاحزاب انتهى.. وان الأحزاب حكي فاضي... بحب اقلكم بكل صراحة: كلوا خرا.. دور الأحزاب مصيري، مركزي وأساسي... لهذا السبب منحملهم هذا القدر من المسؤولية والعتاب.
الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010
أكتوبر: قصّـتي/ مجد كيّال
بعد أن صمتت الأغاني، أطفأت الراديو وسحبت الطرّاحة –هكذا كنت أسمي الفرشة الصغيرة التي نمت عليها حتى سن الخامسة- وفتحت الشباك. نمت على الأرض تحت سرير والديّ…
1
“يمّا، يمّا، ليش انتِ بتدخنيش زي خالتي وجيهة، م أنتِ كمان بتحكي بسرعة زيّها”، يتكرر السؤال ذاته في كل مرة نلتقي بها خالة أمي في القرية، شعور الخسارة ذاته؛ “يا ريت كنت أعرف خالتي وجيهة وهنّي ساكنين بحيفا، كنت بضل ألعب عندهن على الكمبيوتر.”
كان دائم الانشغال بحاسوبه فلم يزعجه قفزي عن الدرجات القليلة الداخلية في المنزل لتسلية نفسي أمام أحاديث غير هامة، بالنسبة لي، تدور بين أمي وخالتها، أمه. لم أكن أعرف السبب، إلا أنّ السؤال كان هامشيا في حينه، وأصبح الآن مُلحًا، في امتحان الذاكرة: “لماذا يضحك وحده أمام الشاشة؟ هل هذا لأنه يضحك دائمًا؟ حتى حين يرقص في الأعراس؟ وحتى في “شوارما الحلال” ليلة العيد؟ وأيضًا حين يجلس أمام هذه الشاشة؟” بالإيجاب ستجيب، مع الأيام، معلمته، ثم معلمتي، “مالكة” في رياض أطفال “راهبات المحبة”.
2
لا زلت بعد عشرين عامًا من المنافسة، أؤمن بقدرتي على إلحاق الهزيمة بكل أبناء عائلتي كبار السن في مباريات أغاني الثورة، أغاني العاشقين، أغاني الانتفاضة الأولى (شريط الفرقة المركزية ووليد عبد السلام) وأغاني الشيخ إمام. كثيرة الأغاني التي لم تكن واضحة الكلام نسبة لطفل في الثامنة والتاسعة من العمر، فآثرت اختراع كلمات بنفس الوزن وبمعانٍ قريبة، لئلا أذلّ نفسي أمام المنافسين الأشاوس.. كان النصر الحاسم الأول حين حصلت على تسجيل أغنية “يا محمّد يا زر الورد” تخليدًا لحادثة الطفل الذي هاجم الجنود برضّاعته… أغنية رديئة كانت، إسلامية المزاج… ولم أجد فيها إلا جائزة: “ولا حدا فيكم بعرفها!”
3
كنت أداوم على تقليد ما أراه في شاشة التلفزيون. في الشتاء، عندما لم يكن بوسعي أن أقنع والدي بالنزول إلى البحر لرشق الموج بالحجارة كما يفعل الناس مع الجنود في التلفزيون، كنت أزيد على تخيّل الجنود تخيّل الحجارة، فأكتفي بالتمثيل بالإيماء في غرفتي الصغيرة. لم أكن، في خيالي، أخشى أيّ جندي، إلا أنني كنت أخشى أن يفتح والديّ باب الغرفة ليكتشفوا ما الذي يفعله هذا الـ”أهبل”، أو ينادي أحدهما الآخر ليشاهداني وينظران مثل مراهقين.
4
بقي المناضل الشيوعي العريق يخطب على منصة يوم الأرض 2000 في سخنين، ثم بدأ يصرخ: “بدون أعمال صبيانيّة يا شباب.. بدون أعمال صبيانية”. من الألوف التي تركض نحو معسكر الجيش، لم يسمعه أحد. أحد الشبّان الذين ركضوا أمامي ربط العلم على عنقه منسدلًا على ظهره؛ رأيت وشاح سوبرمان، وانشغلت لساعات وساعات بتقليد سوبرمان الذي غاب عن مدى بصري، لأستحضر ما رأيته في الشاشة، من سوبرمان، ومشاهد الانتفاضة الأولى.
أصيب “الخال” بثلاثة عيارات مطاطية: بالقدم، بالرأس وبالعنق. بعد أول إصابتين استطاع العودة إلى الاشتباك، بعد الثالثة نقله الإسعاف. عندما شاهدتُ أمي تحمل “ورد” الصغير لتحتمي بظلها مجموعةً من الشبّان، علمتُ أنّ “الخال” بحالةٍ جيدة… لأنّ أمي تحب البكاء كثيرًا، لكنها لا تبكي الآن بالرغم من أنه الخال المفضل لديها بين أخوتها.. ولأنّ أبي كان يقول إنّ “المطّاط هَبَل”.. ولأنّ.. سوبرمان لا يموت. فتابعت تقمّص الأدوار: كانت المرة الأولى التي أحمل بها حجرًا حقيقيًا.
5
بُسطار ضخم في قدم نونو يقتحم الحاجز الحديدي الذي نصبته الشرطة لتحمي استقبال الوزير في بلدية شفاعمرو في عيد “الإستقلال”. بعد اشتباك طويل تذكرت أني أتيت برفقة أمي، وأني لم أرها منذ الطلقة الأولى. بعد أكثر من ساعتين وجدتها. كانت المرة الثانية التي أحمل فيها حجرًا حقيقيًا، مرة أخرى لم أصَبْ بأذى. لم يمت أحدًا ولم أرَ قطرة دم واحدة.. “أحلى إشي ضرب الحجارة.. بصرش إشي.. مكسينون مكسينون بضربوك مطاط.. زي خالو.. المطاط هَبَل.”
6
بيتنا الصغير لم يتسع لأعصابي واستعجالي. اتصالات أمي لا تتوقف، وأنا أكره أن أخمن من أجوبتها الأخبار الواردة من الجانبِ الآخر. كانت المرة الأولى التي لا يكترث فيها أبي لغلاية القهوة، والصباح الأول الذي لم يمازح فيه أخي الصغير؛ “يوم الاضراب ليس للنوم” يصرخ أبي بغضبٍ مجبول بفرحة الفرج.
- لا تزال السادسة صباحًا، تجيب أمّي بتفهّم.
“هنا إذاعة القدس الإذاعة العربية الفلسطينية على طريق تحرير الأرض والإنسان، أيها الإخوة المناضلون جاءنا الآن ما يلي: “اشتباكات على مدخل نابلس، اشتباكات على حاجز المنطار، اشتباكات في أم الفحم ويافا ووادي الجوز.. أسماء كثيرة وأخبارٌ تنفي بعضها وتؤكد بعضها الآخر. في أذني اسم واحد يخلد سطوة المذياع: “رائد عبد المعطي اللوح”. وحدها الأسماء المجهولة تصنع الذاكرة الصادقة. ألتصق بالمذياع متوترًا فيصفعني طلب أمّي من جديد: “غيّر على راديو 2000.”
7
لم تتناقش أمي وأبي، بعد مظاهرة الأمس، إن كان المناضل اليهودي عميلًا أم لا، كانت أمي متسامحة في ذلك اليوم فأعادت النظر، للمرة الأولى في حياتها، فيما بدأت تعدّه من طعام: “سأحضّر الساندويشات، الله أعلم شو بصير.” أنا تبرعت بالإضافة: “أنا بقول فش حاجة ورد ييجي”. كم كنت أحب أن أكون أخًا كبيرًا. تردّدت قليلًا ثم قررت: عليَّ أن ألبس حذاءَ درس الرياضة، لا الصندل. وانطلقنا… كانت المرة الأولى التي أقبل أن نشغّل الراديو في السيارة، بدل شريط “جورج قرمز”، في طريقنا إلى عرّابة.
8
ترتفع قبضة نونو في الهواء. ينهي ترديد الشعار فتهبط يده الثقيلة مطلقةً زفير الزوبعة. يرد جيش من المراهقين بالزي الموحد؛ طلبةٌ بدّلوا الطلَبَ، فبدلوا الشهادةَ بالشهادةِ. لا يرى المراهقون المراهقات، لا ترى المراهقات المراهقين. صار الصراع غريزةَ البقاء، وفي الغرائز يتطرف المراهقون من دون هوادة: “على المَل، يا فدائي على المَل، على الملّ…”
المَلّ بعيد. وعندما يتقمص الأطفال دور الفهود، يصبح الزمن أكثر بلادةً. الطريق إلى الملّ بعيد بعيد. لم يكن ساعِدي قد اشتدّ حدّ وصول الحجارة إلى حيث زُرع الجنود، بين السرّيس. كنت أفضّل الزوايا، فالضرب من الزوايا أقل خطرًا. هكذا كنت أظن عندما لم أكن على دراية بشأن من ينصبون الفخ لأقدارنا.
كنتُ حيث الضجيج، أتقدّم أحيانًا، أضرب ما استطعت وأعود إلى الضجيج؛ في المقدمة، حيث المنكبّين على القتال، الأمور أكثر هدوءًا، يضربون فحسب، لا يتكلمون. في الخلف، يستعيض المتردد بالترديد: “الله أكبر ولله الحمد.”
لم أرَ بالأفلام يومًا، ولا بمسلسلات “الجوارح”، ميدانًا مظللًا، يخبّئ الزيتونُ فيه استعدادَ الشباب للموت، عن عيون القناصة وعنّي. أنا لم أفكر عندها باحتمال الموت.. لقد حسبت أنّ الأمر ذاته: “مَهُو المطّاط هبل.” بهذه البساطة تلاشت إمكانية الموت، كما تلاشت رائحة مزبلة لا تحتمل المجاز من هذا الميدان. أية أسطورةٍ يمكن أن تُسطَّر في مزبلة، وأي قصيدة يحتمل هكذا ساح وغى؟
9
على شرفة جدّي تلتقي وجيهة بأبي منصور، سنون فرقت، وها هم يلتقيان، يصافحان بعضهما بحرارة. تتحدث وجيهة عن الوجبة الذي نسيتها في الفرن ويتحدث أبو منصور عن العمار لابنه علاء… ويأخذهما الحديث.
10
في معركتها السابقة كان عدد المشاركين أقل بكثير. كانا اثنين، هي طرف والآخر ورم سراط الموت، والميدان مشافٍ بيض. قضى العدو نحبه.. شمِتَتْ وشرِبَت نخبه، ولم يبقَ إلا حنين المحارب للميدان، فانتهزت فرصة الاشتعال لتأخذ دورها، فتطوّعت للإسعاف. كانت رمزنا العائلي للإنتصار، وكنت أنا كالمراهقة، تقرأ القصائد أمام الشاعر الغامض فلا يأبه. كم أردتها أن تراني أحمل الحجارة في سيارة الإسعاف، أعوامًا قليلة بعد أن ربّتني، حين خرجت أختها، أمي، إلى سوق العمل.
في سيارة الإسعاف رأيتها لا تبتسم، لا تعبس. كمقدمة “الضريبة” هادئة. نظرات ثاقبة لا تراني، يا إلهي كم كان مظهري بكوفية وحجارة كليشيهًا بائسًا لا يراه الثاقبون.
11
يفرغ جدّي مخزون صلابة يوفره منذ يوم الأرض. يوزع الأوامر لمن لا يسمعون ويشتم ابنه الصحفي الذي يتكلم للإذاعة: “وقت الحكي الفاظي إسا؟ جيل خِمِع.”
إلى شرفة بيته المطلّة على “البركة” والملّ البعيد يعود ليجلس مع صديقه ووجيهة ليراقبوا ما يحدث. على يمين جدي ويساري، من يتشاركان الحديث، من يتشاركان القلق المطل على ساحة المعركة… وسيتشاركان التسمية.
12
يركضون إلى الخلف، كلهم معًا، يحجب نظري الزيتونُ فأتابع التقدم إلى أن يدفعني من لا أعرفهم إلى الخلف: “إرجع بقلّك!” من الأخضر الشاهق نزل الجنود الثلاثة فركضتُ كما ركض الجميع، وسمعت كما سمع الجميع صوتَ العيارات النارية: قاتل قريب مرعب دافئ.
ركضت كثيرًا، ركضت كثيرًا إلى أن انتبهت أنني وحدي بعيدًا عن ساحة الأحداث، توقفت للحظة ثم عدت أدراجي إلى المتجمهرين والمتظاهرين، إلا أنهم كانوا في طريق عودتهم من الملّ. كانت العيون تقول كل شيء.. والهتافات تجيب على الأسئلة.
13
سارت المسيرة نحو “الحريقة”، ركضت نحو بيت جدّي. جدتي لا تزال تجلس في المطبخ وحيدة، تسأل عن اختها وجيهة. “وَلا مالها خالتك هيك نزلت تركض وتزعق؟ شو في؟” أجبتُ: “أبصر شو سامعة عن حدا منصاب، كلها الشباب بتنصاب.. عادي..مطاط..” ثم بدأت أراجع صراخ الشبّان العائدين، فتفحصت عنقي بكفة يدي اليسرى.. وباليمنى صددت ضربة القلق.
14
اتصلت أخت جدتي الشابة بزوجها القيادي تصرخ: “خلص.. إرجعوا.. خلص.. كل إشي خلص.. راح.. كلشي انتهى..خلص.”
15
الشرفة لم تعد تطلّ على الاشتباك، لم تعد تطلّ إلا على الدخان الأسود المهجور والحجارة الراكدة في سماء الملّ. جدّي يجلس وحيدًا، الكرسيان على يساره ويمينه خاليان: “اتصلت خالتك من المستشفى، ابن أبي منصور استشهد، وأسيل ابن وجيهة مخطر بالسْبيطار، تقلش لستك.”
16
أغلق الحارسان مدخل قسم العلاج المكثف في مستشفى نهاريا أمام المئات، أم أسيل وأبو أسيل في الداخل نراهما عبر الزجاج، الليل لا يُبدل موعده نظرًا للأحداث فيهبط. في الهواء تقفز أم أسيل لاطمةً وتسقط أرضًا.
“لا تبكوا… زغردوا… لا تبكوا.. ببكوش عَ الشهيد.. ببكوش عَ الشهيد.. زغردوا.. زغردوا”، يقول أبي، وينفجر بالبكاء.
17
سيارة خضراء تشقّ الليل، النوافذ مغلقة، عالمٌ خارجها وداخلها انهياره. أبي يقود السيارة، إلى جانبه بائع الكتب الصديق الذي وصل المستشفى مثل غيره، أنا في الخلف، وإلى جانبي جثتان لحُلم وقد تركتا جثة ابنٍ خلفهما، ليشقّا الليل.
أبو أسيل وأمّه، خالتي وجيهة التي لم أعرف قبل الآن أن اسمها الأصلي “جميلة”، يجلسان جانبي في السيارة المسرعة القديمة.. السيارة ترتجف من سرعتها. نحن نرتجف من فقدان سيطرتنا على وجبة الجبروت القاتلة. صخب الموت أشدّ وطأة حين ينحصر في سيارة صغيرة مُغلقة، تنطلق نحو “بيت الشَهيد.”
18
حواجز الشرطة تسدّ مداخل القرى العربية، الحواجز تمنعنا من الوصول إلى عرابة. جنون يفجر كمينًا في الأبوين حين يشاهدان رجالًا مسلحين بالأزرق، فيهبّون للقتال. يتوسّلهم أبي البقاء فينزل لمقارعة الضابط لفتح الحاجز.
الخيالُ خيالي: أية مجزرة ستقع الآن إن نزلت “وجيهة”، خالتي المدخنة بعصبيّة، لتواجه قتلة ابنها، بعد دقائق على إعلان الوفاة. أية صور دامية وأيّ رعبٍ رأيتُ.. واحتمال تحقق الرؤية واحدٌ جدي: زر الأمان الذي يقفل الباب.. كان مفتوحًا.
19
نعبر الحاجز.. نصل سخنين لنقطعها وندخل عرّابة. الطريق الآن مغلق بالمتاريس المشتعلة والحجارة والشبّان على طرفي الشارع، بين أشجار الزيتون ينتظرون أيّ كائن متحرك لينقضوا. أخرج جسمي ورأسي من الشُباك وأغرس لساني بلهجة القرية: “أهل شهيد.. لا إله إلا الله.. أهل شهيد.. تظربوش.. أهل شهيد.”
يوقفنا ويتقدم إلينا شاب ملثم، أقفز من السيارة وأتقدم نحوه. “إطفوا الظيّات وامشوا عَ مهلكو.. السيارة المسرعة بتنضرب.” سيارة فقدت لونها، تشقّ الليل بهدوء، فنغرق فيه.
20
يمسك بكتفي ويجرني إلى خارج الألوف اللذين أتوا للتشظي. الليل يطلّ على فجره. “تعال أروّحك على البيت تتريح أكم ساعة، الأيام الجاي مش هوينة”- قال أبي.. كان متفائلا.
21
بعد أن صمتت الأغاني، أطفأتُ الراديو وسحبت الطرّاحة –الفرشة الصغيرة التي نمت عليها حتى سن الخامسة- وفتحتُ الشباك. نمتُ على الأرض تحت سرير والديّ الذي نام عليه أبي. وفي نهاية هذا الليل، راجعت الأحداث من البداية.
•
كان الانكسار سبب جرفٍ لا يخيرك بين الوقوع والتمسّك بالطريق. كانت العيون أغرب عن نفسها التي انفجرت ليبزغ ما نخبئ من جمال الانهيار على المذبح. أما حين انغمسنا بعد الجرف في الكذبة، في اللجان وفي القضاء وبذخ المنتفعون في الكلام، التفاصيل المسطحة، والتحوّلات التائهة عن فحوى الدم.. يصبح تلخيص الحقيقة والحق عدوَّ المجاز، ويصبح تلخيصنا للحوادث أصدق حين نجرد عنّا شِباك الكلام.
يتردد صوت الخالة الشابة: “خلص.. إرجعوا.. خلص.. كل إشي خلص.. راح.. كلشي انتهى.. خلص.”
(حيفا)
شكرًا...يا بحبك
1
“يمّا، يمّا، ليش انتِ بتدخنيش زي خالتي وجيهة، م أنتِ كمان بتحكي بسرعة زيّها”، يتكرر السؤال ذاته في كل مرة نلتقي بها خالة أمي في القرية، شعور الخسارة ذاته؛ “يا ريت كنت أعرف خالتي وجيهة وهنّي ساكنين بحيفا، كنت بضل ألعب عندهن على الكمبيوتر.”
كان دائم الانشغال بحاسوبه فلم يزعجه قفزي عن الدرجات القليلة الداخلية في المنزل لتسلية نفسي أمام أحاديث غير هامة، بالنسبة لي، تدور بين أمي وخالتها، أمه. لم أكن أعرف السبب، إلا أنّ السؤال كان هامشيا في حينه، وأصبح الآن مُلحًا، في امتحان الذاكرة: “لماذا يضحك وحده أمام الشاشة؟ هل هذا لأنه يضحك دائمًا؟ حتى حين يرقص في الأعراس؟ وحتى في “شوارما الحلال” ليلة العيد؟ وأيضًا حين يجلس أمام هذه الشاشة؟” بالإيجاب ستجيب، مع الأيام، معلمته، ثم معلمتي، “مالكة” في رياض أطفال “راهبات المحبة”.
2
لا زلت بعد عشرين عامًا من المنافسة، أؤمن بقدرتي على إلحاق الهزيمة بكل أبناء عائلتي كبار السن في مباريات أغاني الثورة، أغاني العاشقين، أغاني الانتفاضة الأولى (شريط الفرقة المركزية ووليد عبد السلام) وأغاني الشيخ إمام. كثيرة الأغاني التي لم تكن واضحة الكلام نسبة لطفل في الثامنة والتاسعة من العمر، فآثرت اختراع كلمات بنفس الوزن وبمعانٍ قريبة، لئلا أذلّ نفسي أمام المنافسين الأشاوس.. كان النصر الحاسم الأول حين حصلت على تسجيل أغنية “يا محمّد يا زر الورد” تخليدًا لحادثة الطفل الذي هاجم الجنود برضّاعته… أغنية رديئة كانت، إسلامية المزاج… ولم أجد فيها إلا جائزة: “ولا حدا فيكم بعرفها!”
3
كنت أداوم على تقليد ما أراه في شاشة التلفزيون. في الشتاء، عندما لم يكن بوسعي أن أقنع والدي بالنزول إلى البحر لرشق الموج بالحجارة كما يفعل الناس مع الجنود في التلفزيون، كنت أزيد على تخيّل الجنود تخيّل الحجارة، فأكتفي بالتمثيل بالإيماء في غرفتي الصغيرة. لم أكن، في خيالي، أخشى أيّ جندي، إلا أنني كنت أخشى أن يفتح والديّ باب الغرفة ليكتشفوا ما الذي يفعله هذا الـ”أهبل”، أو ينادي أحدهما الآخر ليشاهداني وينظران مثل مراهقين.
4
بقي المناضل الشيوعي العريق يخطب على منصة يوم الأرض 2000 في سخنين، ثم بدأ يصرخ: “بدون أعمال صبيانيّة يا شباب.. بدون أعمال صبيانية”. من الألوف التي تركض نحو معسكر الجيش، لم يسمعه أحد. أحد الشبّان الذين ركضوا أمامي ربط العلم على عنقه منسدلًا على ظهره؛ رأيت وشاح سوبرمان، وانشغلت لساعات وساعات بتقليد سوبرمان الذي غاب عن مدى بصري، لأستحضر ما رأيته في الشاشة، من سوبرمان، ومشاهد الانتفاضة الأولى.
أصيب “الخال” بثلاثة عيارات مطاطية: بالقدم، بالرأس وبالعنق. بعد أول إصابتين استطاع العودة إلى الاشتباك، بعد الثالثة نقله الإسعاف. عندما شاهدتُ أمي تحمل “ورد” الصغير لتحتمي بظلها مجموعةً من الشبّان، علمتُ أنّ “الخال” بحالةٍ جيدة… لأنّ أمي تحب البكاء كثيرًا، لكنها لا تبكي الآن بالرغم من أنه الخال المفضل لديها بين أخوتها.. ولأنّ أبي كان يقول إنّ “المطّاط هَبَل”.. ولأنّ.. سوبرمان لا يموت. فتابعت تقمّص الأدوار: كانت المرة الأولى التي أحمل بها حجرًا حقيقيًا.
5
بُسطار ضخم في قدم نونو يقتحم الحاجز الحديدي الذي نصبته الشرطة لتحمي استقبال الوزير في بلدية شفاعمرو في عيد “الإستقلال”. بعد اشتباك طويل تذكرت أني أتيت برفقة أمي، وأني لم أرها منذ الطلقة الأولى. بعد أكثر من ساعتين وجدتها. كانت المرة الثانية التي أحمل فيها حجرًا حقيقيًا، مرة أخرى لم أصَبْ بأذى. لم يمت أحدًا ولم أرَ قطرة دم واحدة.. “أحلى إشي ضرب الحجارة.. بصرش إشي.. مكسينون مكسينون بضربوك مطاط.. زي خالو.. المطاط هَبَل.”
6
بيتنا الصغير لم يتسع لأعصابي واستعجالي. اتصالات أمي لا تتوقف، وأنا أكره أن أخمن من أجوبتها الأخبار الواردة من الجانبِ الآخر. كانت المرة الأولى التي لا يكترث فيها أبي لغلاية القهوة، والصباح الأول الذي لم يمازح فيه أخي الصغير؛ “يوم الاضراب ليس للنوم” يصرخ أبي بغضبٍ مجبول بفرحة الفرج.
- لا تزال السادسة صباحًا، تجيب أمّي بتفهّم.
“هنا إذاعة القدس الإذاعة العربية الفلسطينية على طريق تحرير الأرض والإنسان، أيها الإخوة المناضلون جاءنا الآن ما يلي: “اشتباكات على مدخل نابلس، اشتباكات على حاجز المنطار، اشتباكات في أم الفحم ويافا ووادي الجوز.. أسماء كثيرة وأخبارٌ تنفي بعضها وتؤكد بعضها الآخر. في أذني اسم واحد يخلد سطوة المذياع: “رائد عبد المعطي اللوح”. وحدها الأسماء المجهولة تصنع الذاكرة الصادقة. ألتصق بالمذياع متوترًا فيصفعني طلب أمّي من جديد: “غيّر على راديو 2000.”
7
لم تتناقش أمي وأبي، بعد مظاهرة الأمس، إن كان المناضل اليهودي عميلًا أم لا، كانت أمي متسامحة في ذلك اليوم فأعادت النظر، للمرة الأولى في حياتها، فيما بدأت تعدّه من طعام: “سأحضّر الساندويشات، الله أعلم شو بصير.” أنا تبرعت بالإضافة: “أنا بقول فش حاجة ورد ييجي”. كم كنت أحب أن أكون أخًا كبيرًا. تردّدت قليلًا ثم قررت: عليَّ أن ألبس حذاءَ درس الرياضة، لا الصندل. وانطلقنا… كانت المرة الأولى التي أقبل أن نشغّل الراديو في السيارة، بدل شريط “جورج قرمز”، في طريقنا إلى عرّابة.
8
ترتفع قبضة نونو في الهواء. ينهي ترديد الشعار فتهبط يده الثقيلة مطلقةً زفير الزوبعة. يرد جيش من المراهقين بالزي الموحد؛ طلبةٌ بدّلوا الطلَبَ، فبدلوا الشهادةَ بالشهادةِ. لا يرى المراهقون المراهقات، لا ترى المراهقات المراهقين. صار الصراع غريزةَ البقاء، وفي الغرائز يتطرف المراهقون من دون هوادة: “على المَل، يا فدائي على المَل، على الملّ…”
المَلّ بعيد. وعندما يتقمص الأطفال دور الفهود، يصبح الزمن أكثر بلادةً. الطريق إلى الملّ بعيد بعيد. لم يكن ساعِدي قد اشتدّ حدّ وصول الحجارة إلى حيث زُرع الجنود، بين السرّيس. كنت أفضّل الزوايا، فالضرب من الزوايا أقل خطرًا. هكذا كنت أظن عندما لم أكن على دراية بشأن من ينصبون الفخ لأقدارنا.
كنتُ حيث الضجيج، أتقدّم أحيانًا، أضرب ما استطعت وأعود إلى الضجيج؛ في المقدمة، حيث المنكبّين على القتال، الأمور أكثر هدوءًا، يضربون فحسب، لا يتكلمون. في الخلف، يستعيض المتردد بالترديد: “الله أكبر ولله الحمد.”
لم أرَ بالأفلام يومًا، ولا بمسلسلات “الجوارح”، ميدانًا مظللًا، يخبّئ الزيتونُ فيه استعدادَ الشباب للموت، عن عيون القناصة وعنّي. أنا لم أفكر عندها باحتمال الموت.. لقد حسبت أنّ الأمر ذاته: “مَهُو المطّاط هبل.” بهذه البساطة تلاشت إمكانية الموت، كما تلاشت رائحة مزبلة لا تحتمل المجاز من هذا الميدان. أية أسطورةٍ يمكن أن تُسطَّر في مزبلة، وأي قصيدة يحتمل هكذا ساح وغى؟
9
على شرفة جدّي تلتقي وجيهة بأبي منصور، سنون فرقت، وها هم يلتقيان، يصافحان بعضهما بحرارة. تتحدث وجيهة عن الوجبة الذي نسيتها في الفرن ويتحدث أبو منصور عن العمار لابنه علاء… ويأخذهما الحديث.
10
في معركتها السابقة كان عدد المشاركين أقل بكثير. كانا اثنين، هي طرف والآخر ورم سراط الموت، والميدان مشافٍ بيض. قضى العدو نحبه.. شمِتَتْ وشرِبَت نخبه، ولم يبقَ إلا حنين المحارب للميدان، فانتهزت فرصة الاشتعال لتأخذ دورها، فتطوّعت للإسعاف. كانت رمزنا العائلي للإنتصار، وكنت أنا كالمراهقة، تقرأ القصائد أمام الشاعر الغامض فلا يأبه. كم أردتها أن تراني أحمل الحجارة في سيارة الإسعاف، أعوامًا قليلة بعد أن ربّتني، حين خرجت أختها، أمي، إلى سوق العمل.
في سيارة الإسعاف رأيتها لا تبتسم، لا تعبس. كمقدمة “الضريبة” هادئة. نظرات ثاقبة لا تراني، يا إلهي كم كان مظهري بكوفية وحجارة كليشيهًا بائسًا لا يراه الثاقبون.
11
يفرغ جدّي مخزون صلابة يوفره منذ يوم الأرض. يوزع الأوامر لمن لا يسمعون ويشتم ابنه الصحفي الذي يتكلم للإذاعة: “وقت الحكي الفاظي إسا؟ جيل خِمِع.”
إلى شرفة بيته المطلّة على “البركة” والملّ البعيد يعود ليجلس مع صديقه ووجيهة ليراقبوا ما يحدث. على يمين جدي ويساري، من يتشاركان الحديث، من يتشاركان القلق المطل على ساحة المعركة… وسيتشاركان التسمية.
12
يركضون إلى الخلف، كلهم معًا، يحجب نظري الزيتونُ فأتابع التقدم إلى أن يدفعني من لا أعرفهم إلى الخلف: “إرجع بقلّك!” من الأخضر الشاهق نزل الجنود الثلاثة فركضتُ كما ركض الجميع، وسمعت كما سمع الجميع صوتَ العيارات النارية: قاتل قريب مرعب دافئ.
ركضت كثيرًا، ركضت كثيرًا إلى أن انتبهت أنني وحدي بعيدًا عن ساحة الأحداث، توقفت للحظة ثم عدت أدراجي إلى المتجمهرين والمتظاهرين، إلا أنهم كانوا في طريق عودتهم من الملّ. كانت العيون تقول كل شيء.. والهتافات تجيب على الأسئلة.
13
سارت المسيرة نحو “الحريقة”، ركضت نحو بيت جدّي. جدتي لا تزال تجلس في المطبخ وحيدة، تسأل عن اختها وجيهة. “وَلا مالها خالتك هيك نزلت تركض وتزعق؟ شو في؟” أجبتُ: “أبصر شو سامعة عن حدا منصاب، كلها الشباب بتنصاب.. عادي..مطاط..” ثم بدأت أراجع صراخ الشبّان العائدين، فتفحصت عنقي بكفة يدي اليسرى.. وباليمنى صددت ضربة القلق.
14
اتصلت أخت جدتي الشابة بزوجها القيادي تصرخ: “خلص.. إرجعوا.. خلص.. كل إشي خلص.. راح.. كلشي انتهى..خلص.”
15
الشرفة لم تعد تطلّ على الاشتباك، لم تعد تطلّ إلا على الدخان الأسود المهجور والحجارة الراكدة في سماء الملّ. جدّي يجلس وحيدًا، الكرسيان على يساره ويمينه خاليان: “اتصلت خالتك من المستشفى، ابن أبي منصور استشهد، وأسيل ابن وجيهة مخطر بالسْبيطار، تقلش لستك.”
16
أغلق الحارسان مدخل قسم العلاج المكثف في مستشفى نهاريا أمام المئات، أم أسيل وأبو أسيل في الداخل نراهما عبر الزجاج، الليل لا يُبدل موعده نظرًا للأحداث فيهبط. في الهواء تقفز أم أسيل لاطمةً وتسقط أرضًا.
“لا تبكوا… زغردوا… لا تبكوا.. ببكوش عَ الشهيد.. ببكوش عَ الشهيد.. زغردوا.. زغردوا”، يقول أبي، وينفجر بالبكاء.
17
سيارة خضراء تشقّ الليل، النوافذ مغلقة، عالمٌ خارجها وداخلها انهياره. أبي يقود السيارة، إلى جانبه بائع الكتب الصديق الذي وصل المستشفى مثل غيره، أنا في الخلف، وإلى جانبي جثتان لحُلم وقد تركتا جثة ابنٍ خلفهما، ليشقّا الليل.
أبو أسيل وأمّه، خالتي وجيهة التي لم أعرف قبل الآن أن اسمها الأصلي “جميلة”، يجلسان جانبي في السيارة المسرعة القديمة.. السيارة ترتجف من سرعتها. نحن نرتجف من فقدان سيطرتنا على وجبة الجبروت القاتلة. صخب الموت أشدّ وطأة حين ينحصر في سيارة صغيرة مُغلقة، تنطلق نحو “بيت الشَهيد.”
18
حواجز الشرطة تسدّ مداخل القرى العربية، الحواجز تمنعنا من الوصول إلى عرابة. جنون يفجر كمينًا في الأبوين حين يشاهدان رجالًا مسلحين بالأزرق، فيهبّون للقتال. يتوسّلهم أبي البقاء فينزل لمقارعة الضابط لفتح الحاجز.
الخيالُ خيالي: أية مجزرة ستقع الآن إن نزلت “وجيهة”، خالتي المدخنة بعصبيّة، لتواجه قتلة ابنها، بعد دقائق على إعلان الوفاة. أية صور دامية وأيّ رعبٍ رأيتُ.. واحتمال تحقق الرؤية واحدٌ جدي: زر الأمان الذي يقفل الباب.. كان مفتوحًا.
19
نعبر الحاجز.. نصل سخنين لنقطعها وندخل عرّابة. الطريق الآن مغلق بالمتاريس المشتعلة والحجارة والشبّان على طرفي الشارع، بين أشجار الزيتون ينتظرون أيّ كائن متحرك لينقضوا. أخرج جسمي ورأسي من الشُباك وأغرس لساني بلهجة القرية: “أهل شهيد.. لا إله إلا الله.. أهل شهيد.. تظربوش.. أهل شهيد.”
يوقفنا ويتقدم إلينا شاب ملثم، أقفز من السيارة وأتقدم نحوه. “إطفوا الظيّات وامشوا عَ مهلكو.. السيارة المسرعة بتنضرب.” سيارة فقدت لونها، تشقّ الليل بهدوء، فنغرق فيه.
20
يمسك بكتفي ويجرني إلى خارج الألوف اللذين أتوا للتشظي. الليل يطلّ على فجره. “تعال أروّحك على البيت تتريح أكم ساعة، الأيام الجاي مش هوينة”- قال أبي.. كان متفائلا.
21
بعد أن صمتت الأغاني، أطفأتُ الراديو وسحبت الطرّاحة –الفرشة الصغيرة التي نمت عليها حتى سن الخامسة- وفتحتُ الشباك. نمتُ على الأرض تحت سرير والديّ الذي نام عليه أبي. وفي نهاية هذا الليل، راجعت الأحداث من البداية.
•
كان الانكسار سبب جرفٍ لا يخيرك بين الوقوع والتمسّك بالطريق. كانت العيون أغرب عن نفسها التي انفجرت ليبزغ ما نخبئ من جمال الانهيار على المذبح. أما حين انغمسنا بعد الجرف في الكذبة، في اللجان وفي القضاء وبذخ المنتفعون في الكلام، التفاصيل المسطحة، والتحوّلات التائهة عن فحوى الدم.. يصبح تلخيص الحقيقة والحق عدوَّ المجاز، ويصبح تلخيصنا للحوادث أصدق حين نجرد عنّا شِباك الكلام.
يتردد صوت الخالة الشابة: “خلص.. إرجعوا.. خلص.. كل إشي خلص.. راح.. كلشي انتهى.. خلص.”
(حيفا)
شكرًا...يا بحبك
الأحد، 3 أكتوبر 2010
الأربعاء، 29 سبتمبر 2010
النَهر
الثلاثاء، 21 سبتمبر 2010
صبا-حَيّة
- بس يعني حبيبتي أنا قلتلك انه انا بعد مأعمل سكس بالليل وانام، دايمًا بيجي عبالي ثاني يوم الصبح كمان.
- حبيبي صح، قلتلي مش مختلفين.
- شو المشكلة لكان؟
- انو حبيبي، يعني، انا فهمت انه بتحب السكس ثاني يوم الصبح كمان.. بس مكنتش عارفه انه قصدك مع واحده ثانية.
- حبيبي صح، قلتلي مش مختلفين.
- شو المشكلة لكان؟
- انو حبيبي، يعني، انا فهمت انه بتحب السكس ثاني يوم الصبح كمان.. بس مكنتش عارفه انه قصدك مع واحده ثانية.
الجمعة، 17 سبتمبر 2010
الابتسامة
دَوِّنْ، على الصفحة الصفراء
بالرصاص،
بالقلم الرصاص، اسماء اعدائك ثلاثيةً.
لا تكترث للأبجدية، بل صنّفهم من الأقرب للأبعد،
واقضم الممحاة حتى نهايتها.
ثم تأنّى، إنهم يكرهون التأنّي.
وانتظرهم، مثلما اصطادوا ضحاياهم بـ"انتظرها" او ما..
تناسق
ثقافويًا.
تربّص بلحظة خروجهم من ذاكرة الخطيئة، ثم انتقم.
ما مهنة الأعداء إلا انتظار الانتقام؟
فان كان عدوّك صيّادًا شريفًا،
أقتله سريعًا.
فالشجعان بالعداوة أجدر بشرف المبارزة.
وإن كان عدوّك خسيسًا تافهًا
فتريث بمتعة التعذيب، ومشاهدة الاحتضار.
*
طوبى للذين يقتلون أعداءهم...
ففيهم، ومنهم، يصبح كل شيءٍ أوضح.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)